أسواق المكثفات النفطية في الشرق الأوسط وآسيا

يرتبط إنتاج المكثفات النفطية Condensate بصورة أساسية بحركة تطوير الحقول الغازية وإنتاجها، حيث سيؤدي التسارع في اكتشاف هذه الحقول وتطويرها إلى زيادة إنتاج المكثفات. إن التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي والحاجة المتزايدة إلى منتجات خفيفة سيؤثران في أسواق المكثفات النفطية, خاصة في منطقة شرق السويس, التي تشمل الشرق الأوسط وآسيا.
كثيرا ما يختلط الأمر في الأسواق عند معاملة المكثفات، فهي دائما خفيفة وتظل في هيئة سائل على عكس الغاز الطبيعي المسال LNG أو الغاز البترولي المسال LPG ، وتحتوي على نسب قليلة من الكبريت، وهي إحدى المنتجات الجانبية لعملية إنتاج الغاز، لذلك هي على عكس النفط الخام لا تتمتع بدرجة ما من المرونة في الأسعار, حيث يتم إنتاجها وفق احتياجات أسواق الغاز وليس الأسعار. لا بد من فصل المكثفات والسوائل النفطية الخفيفة من الغاز المنتج قبل أن يتم نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب أو قبل عملية التسييل، في حالة امتلاء الخزانات بالكامل يجب أن يتم تسويق المكثفات بغض النظر عن السعر، ما دام إنتاج الغاز مطلوبا.
مشاريع تطوير حقول الغاز الطبيعي التي تأخرت بسبب الركود الاقتصادي الأخير، يتم تطويرها الآن، ما قد يؤدي إلى زيادة إنتاج الغاز، مصافي المكثفات المتأخرة يتم بناؤها الآن أيضا. في منطقة شرق السويس، حيث عمليات التنقيب وتطوير الحقول الغازية عالية، من المتوقع أن يتضاعف إنتاج المكثفات النفطية فيها نتيجة ذلك بحلول عام 2018 أو ربما قبل ذلك. تعد السعودية وقطر وإيران من كبريات الدول في منطقة الشرق الأوسط في إنتاج المكثفات، مشروعات الغاز المسال في الشرق الأوسط هي المساهم الأكبر في زيادة إنتاج المكثفات, إضافة إلى مشروعات تطوير الحقول النفطية التي تتضمن غازا مصاحبا, خاصة في السعودية.
معظم الزيادة في إنتاج المكثفات النفطية خلال السنوات المقبلة ستكون من المملكة وقطر، حيث من المتوقع زيادة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا بحلول عام 2013، من المتوقع أيضا أن يزداد إنتاج الإمارات من المكثفات بما يقرب من 400 ألف برميل يوميا في الفترة نفسها. المكثفات من هذه الدول وغيرها من المنتجين في الشرق الأوسط تشمل كميات كبيرة من النفتا البارافينية. معظم الزيادة في إنتاج المكثفات من آسيا باسيفيك ستكون من أستراليا والصين، لكن الإنتاج فيها من المتوقع أن يبدأ في وقت لاحق بعد الشرق الأوسط. إنتاج المكثفات من آسيا باسيفيك تشمل كميات كبيرة من النفتا العطرية. وضمن منتجات النفط تؤثر المكثفات بشكل كبير في مخزون البتروكيماويات (سواء الأوليفنات أو العطريات) والغازولين.
تحاول الدول المنتجة للمكثفات في الشرق الأوسط الحد من تصدير المكثفات، مع ذلك يجب عليهم تصدر الكميات الفائضة عن احتياجاتهم الخاصة. على سبيل المثال الزيادة في إنتاج المكثفات في كل من قطر والسعودية على وجه الخصوص، ستفوق الطاقات الإنتاجية التي ستتم إضافتها لاستيعاب الزيادات الجديدة من المكثفات. زيادة إنتاج المكثفات النفطية في السعودية ليس فقط من إنتاج الغاز غير المصاحب من الحقول الجديدة، خصوصا من حقل كاران Karan، الذي تم تطويره لتوسيع نظام الغاز الرئيس، لكن أيضا الزيادة ستكون من تطوير حقول النفط مثل خرسانية، منيفة وخريص.
قطر ستقوم بزيادة صادراتها من المنتجات أيضا، على الرغم من محدودية الطاقات التحويلية لمصافيها Refinery conversion capacity نسبيا. التصدير من المقرر أن يكون من الغاز البترولي المسال في الحقل LPG، وحدات معالجة وعزل المكثفات النفطية، من مشاريع تحويل الغاز إلى سوائل GTL، ومن بعض نواتج المصافي. بحلول نهاية العام الحالي سيتم الانتهاء من تطوير مشروع الغاز في قطر، لكن التأثير الكامل للمشروع في إنتاج المكثفات لن يكون واضحا حتى عام 2013 حين تصل مشاريع الغاز الطبيعي المسال، أنابيب الغاز، ومشاريع تحويل الغاز إلى سوائل GTL إلى طاقتها التشغيلية الكاملة.
في حين مشاريع معالجة المكثفات في إيران تأجلت معظمها، التي كان من المقرر لها أن تصدر بعض ما تنتج. إمدادات المكثفات الجديدة في إيران ستأتي بصورة أساسية من حقول الغاز التي طورت لخدمة الأسواق المحلية. الإمارات ستواجه صعوبة في استيعاب جميع الزيادة المتوقعة في إنتاج المكثفات، على الرغم من امتلاكها طاقات معالجة كبيرة. من بين المنتجين الآخرين للمكثفات، العراق من المتوقع أن يصبح مصدرا متواضعا لتصدير المكثفات بحلول عام 2015، في حين قررت اليمن مزج المكثفات الناتجة من مشروع الغاز الطبيعي المسال مع النفط الخام بدلا من عزله وتسويقه.
خلافا لمنطقة الشرق الأوسط، منطقة آسيا باسيفيك تحتاج إلى استيراد حاجتها من المكثفات النفطية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب على المكثفات. تايلاند، ماليزيا والصين من المتوقع أن تستوعب معظم أو كل إنتاجها من المكثفات، في حين أن كبار المنتجين الآخرين، خاصة أستراليا ستستمر في تصدير المكثفات. الصادرات ستزداد من صغار المنتجين مثل ميانمار، فيتنام وبابوا غينيا الجديدة، وربما بنجلادش أيضا. الدافع وراء زيادة إنتاج المكثفات وبناء مزيد من وحدات الفصل ينبع من رغبة الصناعة البتروكيماوية على زيادة المرونة في الحصول على المواد الأولية. خلال العام الماضي، استخدام المكثفات في الصناعة البتروكيماوية ازداد نتيجة زيادة هامش الربح استجابة للنمو القوي في الطلب الصيني.
إنتاج المكثفات وفصلها في جنوب شرق آسيا سيزدادان زيادة متواضعة في كل من ميانمار وفيتنام, أما في ماليزيا، تايلاند والفلبين من المتوقع حدوث تغير طفيف في الإنتاج عما هو عليه حاليا. في حين إنتاج إندونيسيا من المكثفات سيرتفع ارتفاعا حادا بحلول عام 2015. منطقة جنوب آسيا وتحديدا الهند، إنتاج المكثفات وفصلها سيبقيان محدودين حتى بدء إنتاج الغاز من الحقول المكتشفة قبالة الجزء الشرقي من البلاد في وقت لاحق من هذا العقد.
الصين عمدت إلى عزل المكثفات المنتجة من الحقول الجديدة، حيث أكملت بناء ثلاث وحدات لغزل المكثفات لهذا الغرض، وهناك وحدتان أو ثلاث أخرى من المتوقع أن يبدأ تشغيلها بحلول عام 2015. حيث إن الطلب على المكثفات يتزايد بسرعة في الصين، من المتوقع أن ترتفع الواردات بسرعة بحلول عام 2015.
اليابان وكوريا الجنوبية على حد سواء، من كبار مستخدمي سوائل الغاز الطبيعي كمادة أولية للصناعات البتروكيماوية، لا تزالان المستوردتين الرئيستين للمكثفات في آسيا باسيفيك. واردات سنغافورة للمكثفات ازدادت بشكل حاد عامي 2008 و2009 حيث استخدمت نحو 200 ألف برميل يوميا من المكثفات. تايلاند لا تزال المصنع للمواد البتروكيماوية في المنطقة التي تعتمد اعتمادا كبيرا على المكثفات والمستورد الوحيد الذي يستخدم أيضا كميات كبيرة من غاز الإيثان. أما تايوان فتستخدم كميات ضئيلة من المكثفات النفطية.
في بداية عام 2010، بلغ مجموع الطاقات لوحدات عزل المكثفات النفطية في منطقة غرب السويس نحو 2.2 مليون برميل يوميا، أكثر من نصفها في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط. من المتوقع استمرار هيمنة منطقة الشرق الأوسط والخليج بالذات على إنتاج المكثفات حتى عام 2015، حيث من المتوقع أن تتجاوز طاقات عزل المكثفات والمعالجة المسبقة للوحدات البتروكيماوية فيها أربعة ملايين برميل يوميا، الدافع وراء زيادة طاقات عزل المكثفات يعود إلى زيادة الطلب على البنزين وزيادة المردود الاقتصادي.
من المتوقع أيضا أن تضيف الصين طاقات كبيرة لعزل المكثفات بحلول منتصف العقد الحالي، كما تخطط تايلاند، سنغافورة, وكوريا الشمالية لإضافة وحدات عزل جديدة. الدافع لإضافة وحدات عزل المكثفات في منطقة آسيا باسيفيك يعود إلى زيادة الطلب على المواد الأولية للصناعة البتروكيماوية، والحاجة إلى توفير مرونة في مصادر المواد الأولية.
مع بدء الاقتصاد العالمي استأنف النمو من جديد، ستستمر آسيا باسيفيك في قيادة النمو في الطلب على النفط والبتروكيماويات والتوسع في الطاقات البتروكيماوية الأساسية. حيث ستلعب المكثفات النفطية دورا مهما وحاسما في توريد المواد الأولية. ستستمر منطقة آسيا باسيفيك بالاعتماد على المكثفات، النفط الخام والمنتجات النفطية القادمة من الشرق الأوسط.
لكن مع قدرة روسيا الآن على تصدير النفط الخام إلى آسيا عبر خط أنابيب شرق سيبيريا - المحيط الهادئ، من المحتمل أن تتطلع روسيا أيضا إلى تسويق المكثفات النفطية المنتجة في الشرق الأقصى الروسي إلى آسيا. هذا وبدأت روسيا فعلا بتصدير كميات من المكثفات إلى آسيا، لكن بصورة متقطعة، من الممكن أن تصبح هذه الكميات منتظمة وأكبر بحلول نهاية العقد الحالي.
* تنويه: المقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي وليس بالضرورة أن يمثل رأي الجهة
التي يعمل فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي