أين جيران زمان ... زمان

تعلمنا ونحن صغار أن للجار قيمة وهيبة ومكانة لدينا، وهذا هو عنوان مقالتنا اليوم، ففي زماننا هذا نرى أنه قد اندثرت معان وقيم وحقوق كثيرة، ومن هذه الحقوق حق الجار .. اختفى هذا الحق بحجة الخصوصية والانشغال واللهث وراء مطالب الحياة بدعوى الخصوصية على الرغم من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار، حيث أوصانا بالجار خيرا فالذي يليه حتى سابع جار، وهذا التباعد الذي تسببت فيه ما ندعيه نحن بالخصوصية ... والخصوصية بريئة من ذلك التباعد .. فمسكينة هذه الخصوصية التي نعلق عليها هذا التباعد الذي يحجبنا عن جيراننا، الذي نرجو أن يكون مثل حجب البلاك بيري أربع ساعات فقط.
من منا يعرف جيرانه ويتزاور معهم من زوجاتنا وأولادنا .. وهنا السؤال؟ وسنصدم عندما نعرف الإجابة خاصة إذا تذكرنا "زمان" عندما كان يسافر أبو الجيران كنا نذهب للنوم عندهم (لنجسرهم)، وكنا نتزاور ونتداخل فيما بيننا كثيرا.
وسيقول القائل اختلف الزمان واختلف التفكير واختلفت الأجيال وكنا نجلس كثيرا (بالعاير) مع أولاد الجيران وكانت هناك جلسات الضحى للأمهات بدون مكياج ولا مكساج!! فقط مقطع بفت وغدفه على الرأس لا عباة ولا يحزنون وتنحكر الجلسة إذا حضر الكراث والشاي بالزنجبيل والشيبان .. وجلساتهم .. لا تسألني عنها ولكن يبدو أن الشيبان انقرضوا في الوقت الحاضر .. فالشباب 70 في المائة من السكان والرجال 30 في المائة ... ولا مكان ولا عزاء للشيبان، وجلسة العاير لا تكتمل إلا ببيع الآيسكريم التوت المغلف بأكياس بلاستيك والمصنع في البيوت، كما شاهدناها في "طاش ما طاش" عندما كان ابن الجيران يتردد على بيت الجيران لشراء الآيسكريم من بنت الجيران خمس مرات وعشر مرات في اليوم وآخر مرة يعطيها (عكسه) مع (قرشين) قيمة الآيسكريم ... وشكراً لزميلي أبو عبد الله "علي" الذي شاركني في الكتابة عن أيام زمان ... لأنه من أهل زمان .... ويعرف أسرار الجيران.
يا سلام علي أيام زمان .......
وأقولها للجميع فلنحرص على التواصل، وإذا سكن الجار فلنرسل له زمزمية شاهي وقهوة وصحن تميرات، ومع الأسف بعض الجيران أيضا لا تراهم إلا في المسجد وفي أضيق الحــدود، وعندمـــا تحب أن تسترسل مع أحدهـــــم لا يعطيك وقتــا حتى للســلام، وبعضهم لا يرده وقليل منهم يرد ويستجيب.
فيا ترى ما الأسباب التي دعتنا إلى إغلاق الأبواب على أنفسنا وبادعاء الخصوصية؟ فأين لقاءات الأعياد والمناسبات .. نسمع في الفترة الأخيرة عن المعايدة بالشارع بين الأسر وإحضار المأكولات وما تشتهيه النفس من مأكولات شعبية مثل الجريش، والقرصان ليصير هناك تجمع وارتباط بين الأسر نتمنى أن تستمر هذه العادة ويستمر الترابط بين الجيران، فهذه علامة جيدة من علامات الترابط بين الجيران، وتنفيذا لوصية الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام.
وسلامتكم ........

الكلمات:
نجسرهم: نونسهم
العاير: زاوية الشارع
غدفه: غطوة الرأس للنساء
مقطع: فستان المرأة
بفت: نوع من أنواع القماش
عكسه: صورة وجهه البشع
قرشين: مثنى قرش عملة عظيمة لها قيمتها أيام زمان

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي