وَطنٌ يَسْكُنُ قلوبَ المُوحدين
- هي المملكة العربية السعودية، مَحَلُّ مِيلاد خير خلق الله محمد «صلى الله عليه وسلم»، وموطنه، ومحل إقامته، ومهبط رسالته، ومنشأ دعوته، وأرض صحابته، ومكان مسجده، واتجاه قبلته، ومستقره بعد موته.
- هي البقعة الطاهرة التي يحن إلى ثراها كل الموحدين على اختلاف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم، وكيف لا وقد لامست ذراته أجساد عُبَّاد أفذاذ، وتشربت حباته عرق أخيار أطهار، أولهم نبي، وآخرهم صحابي، جالسهم جبريل، وأنزل في حضرتهم مُحْكَمُ التنزيل.
- هي البلد الذي نزل به الخليل إبراهيم ـــ عليه السلام ـــ فرفع قواعد البيت الحرام، وأذنَ في الناس بالحج، ليجمعهم من كل فج عميق، ليعلنوا بلسان المقال والحال، وحدتهم وتوحيدهم..«لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ».
قبل ثمانين سنة قَيَّضَ الله لهذا البلد رجلا من فصيلة الأفذاذ، سار على ذات الدرب، فأعلى بوحْدَتِها راية توحيدها.. الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ـــ طيب الله ثراه ـــ بتوفيق من الله، وبإرادة صلبة لا تلين، خاض الأهوال، فجَمَّعَ من بعد فرقة، وقوَّى من بعد ضعف، وعلَّم من بعد جهل، ليُعْلن بعد أن أتم الله له ما سعى إليه،عن اختياره ليوم 23 سبتمبر من عام 1932م، يوما لإعلان قيام المملكة العربية السعودية وتوحيدها.
إن الإنسان كائنٌ اجتماعي بطبعه، فهو يرافق، ويصاحب، ويتزوج..، إذ تدفعه فطرته دفعا قويا نحو ألا يكون فردا منعزلا أو متشرنقا، وكأن الفطرة السوية تُعلن التمرد على فردية الإنسان، لأنها ضعف وهوان، نفهم ذلك من قول الله تعالى على لسان زكريا عليه السلام «وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا..»، وكأن المسلم ينفي عن نفسه ما يثبته لله الواحد الأحد، عبر حركته الاجتماعية في الحياة، بسعيه نحو الترابط بأهله وناسه ومجتمعه.
والسعي نحو جمع الناس على كلمة وهدف وغاية، هو ترجمة واقعية لفطرة التوحيد المستقرة في ضمير الأسوياء، ولذا جُعِلَت الوحدة فرض عين تتضاءل أمام تحقيقها وإقرارها ما سواها من أهداف وغايات، لأنها القوة التي تحمي العقيدة، وتقيم الحق، وترسخ المبادئ، وتعلي من شأن الإنسان، وما عرف قوم الوحدة إلا عزوا وسادوا وقادوا، وما عرف قوم الفرقة إلا ضعفوا وهانوا وتراجعوا.. والتاريخ الإنساني يشهد، ويخطب من فوق منبر الأحداث في كل لحظة!
من أجل ذلك فلا يوجد مسلم واحد على وجه البسيطة لا يحمل في قلبه عشقا وحبا لهذه الأرض الطاهرة والبقعة الغالية، ولا يوجد مسلم واحد لا يتمنى زيارة هذه البلد العظيمة ليشتم عبق التاريخ، ويسترجع سيرة عظماء صنعوا تاريخ أمة بأسرها.. ليُكَبِّر كما كبروا، ويطوف كما طافوا، ويذكر كما ذكروا، ويُوَحِّدَ الله كما وحدوا..!
جزى الله المملكة العربية السعودية، ملكا وحكومة وشعبا، خير الجزاء على ما قدموه، ويقدمونه خدمة للإسلام والمسلمين. وكل عام وأنتم على قلب رجل واحد.