اللبس حيال عدد القضايا الجائز التوكيل فيها
لعل من نافلة القول التأكيد على أهمية مهنة المحاماة في العمل القضائي بصفة خاصة والعمل القانوني على وجه العموم، لهذا فقد صدر قبل تسعة أعوام نظام المحاماة بموجب المرسوم الملكي الكريم رقم م 38 وتاريخ 28/7/1422هـ، وذلك لغرض تنظيم مهنة المحاماة ووضع أسس لكيفية عمل المحامي أسوة بما هو موجود لدى الدول الأخرى، وقد قصرت المادة 18 من نظام المحاماة حق الترافع عن الغير - أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان القضائية التي صادق المقام السامي على تشكيلها - للمحامين المقيدين في جدول الممارسين، إلا أنها استثنت خمس فئات وهم مأمور بيت المال، الوصي والقيم وناظر الوقف، الممثل النظامي للشخص المعنوي، الأزواج أو الأصهار أو الأشخاص من ذوي القربي حتى الدرجة الرابعة، وأخيراً الوكيل، ولا يثور هنا أي لبس أو خلاف حول هذه الفئات المستثناة من أحكام المادة 18 عدا الوكيل، حيث نصت الفقرة ''أ'' من المادة الثامنة عشر، على التالي: ''أي وكيل في قضية واحدة إلى ثلاث، فإن باشر الوكيل ثلاث قضايا عن ثلاثة أشخاص متعددين لا تقبل وكالته عن غيرهم''، وهذا يعني عدم جواز الحصول على أكثر من ثلاث وكالات شرعية لثلاثة أشخاص متعددين، فالحصر أو السقف بثلاث المقصود به الوكالة عن أكثر من ثلاثة أشخاص متعددين أي متنوعين، فلو افترضنا أن عمرا من الناس حصل على وكالة شرعية من شركة كيان مثلاً وحصل على وكالة شرعية من شركة المراعي وباشر بموجب هاتين الوكالتين ثلاث قضايا لدى المحكمة العامة، فهنا يحق لهذا الوكيل الحصول على وكالة شرعية ثالثة من شركة زين مثلاً والتقدم بقضية رابعة لدى المحكمة العامة، ويكون عندها قد وصل إلى السقف الذي حددته الفقرة ''أ'' سالفة الذكر فالمقصود بثلاثة أشخاص متعددين، كما أوضحنا في الحالة أعلاه، شركة كيان، شركة المراعي، شركة زين. أما لو حصل هذا الوكيل على وكالتين فقط الأولى من شركة كيان والثانية من شركة المراعي وتقدم بموجبهما بسبع قضايا لدى المحكمة العامة، فهنا لا إشكال، حيث لم يتوكل الوكيل عن ثلاثة أشخاص متعددين وإنما عن شخصين متعددين، فالسقف الذي وضعه النظام خاص بعدد الأشخاص لا القضايا ولا يصح تمسك البعض بما جاءت به اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة، حيث أتت هذه اللائحة بمسائل لم ترد أصلاً في النظام إضافة إلى أنها قد توسعت وجاءت بأحكام لم ترد في النظام، ولا شك أنه عند اختلاف أو تعارض اللائحة مع النظام تكون الغلبة للنظام كونه صادرا بمرسوم ملكي لا بقرار وزاري، إضافة إلى أنه لا يجوز للائحة التنفيذية لأي نظام أن تأتي بإضافات لأن اللائحة التنفيذية وظيفتها تفسير أحكام النظام دون أي زيادة ولعله من الأصوب أن تقوم وزارة العدل سريعاً بمراجعة وتصحيح اللائحة التنفيذية محل اللبس، خاصة أنه قد مضى على صدور النظام ولائحته التنفيذية فترة زمنية ليست بالقصيرة وهي كافية في نظرنا لمراجعة النظام ولائحته التنفيذية.
والله الموفق،،،