نحو ميثاق شرف للمتطوعين

كشفت المناقشات الأخيرة حول التطوع في السعودية عن قضيتين مهمتين: الأولى مفرحة والأخرى على النقيض. أما المفرحة فهي أن ذلك النقاش الذي دام أكثر من شهر في وسائل إعلامية متنوعة حول التطوع بين الشباب والشابات في السعودية يدل بشكل واضح على أن التطوع بمعناه الحديث في طريق تشكله ليصبح ظاهرة في المدن الرئيسة في المملكة وهو أمر لم يكن موجوداً إلا عند فئة محدودة في المجتمع قاموا ويقومون بجهود تطوعية رائعة، نتمنى أن تستمر مسيرتهم وتتنوع منتجاتهم الطوعية.
أما القضية غير المفرحة فهي أنه خلال تلك المناقشات لم نسمع صوتاً رسميًّا (لا أقصد حكوميًّا بالضرورة) يعقب على الموضوع مع أن الموضوع أشغل شريحة من الشباب ولا سيما في الفضاء الإلكتروني، والسبب هو أنه حتى الآن لا يوجد جسم رسمي متخصص ونشط يعنى بالتطوع في المملكة العربية السعودية باستثناء جمعية العمل التطوعي في المنطقة الشرقية المؤسسة حديثاً. فوزارة الشؤون الاجتماعية ما زالت تحصر نشاطها على الترخيص والإشراف على عمل المنظمات الخيرية التي هي بدورها منشغلة بتقديم خدماتها المباشرة للمحتاجين.
في كثير من الدول التي تحتضن تجربة ثرية في الأعمال التطوعية، يوجد كثير من الجهات الحكومية والأهلية التي تعمل على نشر وتطوير ثقافة التطوع المنظم بين شرائح المجتمع، مستهدفةً في ذلك الفرد ذاته من خلال وسائل وبرامج متنوعة وهو ما ولَّد إلى حد كبير ثقافة تطوعية مشتركة بين المتطوعين ومبادئ عامة يؤمنون بها تكوِّن في شكلها العام ميثاق شرف للمتطوعين.
التطوع في ذاته عمل نبيل ورائع لكنه كبقية الممارسات الإنسانية يحتاج إلى التعريف بقواعده ومبادئه والطريقة المثلى لممارسته مما يسهل على الراغبين في التطوع ممارسته بطريقة جيدة ويقلل من أثر الهفوات في مسيرة التطوع العام أو تشويه سمعته. ولأننا في السعودية نعيش فترة تشكل لعمل تطوعي جديد يقوده الشباب فإن الفرصة سانحة لتتداعى قيادات العمل التطوعي والمنشغلون به لبناء ميثاق شرف للتطوع يراعي الإنسان والمكان والزمان، ويجمع بين جنباته مجموعة من المبادئ والأخلاقيات التي ينبغي أن يتحلى بها المتطوع أثناء ممارسته التطوع.
إن ميثاق شرف كهذا لا يسهل التطوع على أفراد المجتمع وينمي ثقافة خاصة به بل وحتى يسهل على المنظمات الخيرية المتنوعة استخدامه كوسيلة لاستقطاب وإدارة المتطوعين معها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي