لم ينجح أحد
احتار الكثير من المحترفين والأكاديميين في تتبع وتحليل سلوك أسعار الأسهم في الأسواق المالية الخليجية وبالذات السوق السعودي خلال الخمس سنوات الماضية، فما نسمعه من قاعدة عريضة من المتداولين أنه لم ينجح أحد في تحديد معالم السوق المستقبلية سواء من كانت أدواته التحليل الفني أو الأساسي بل إن اللوم أحيانا يلقى جزافا على كل مجتهد في هذا الحقل مما أفقده خاصية الاستقلال والمصداقية، يعتمد التحليل المالي المهني والعلمي أساسا على مدرستين فكريتين تم تطويرهما منذ الخمسينيات الميلادية، مدرسة التحليل الفني ومدرسة التحليل الأساسي، ولكل مبادئه وفرضياته ونماذجه الرياضية وجلها تعتمد بشكل أساس على دراسة سلوك الماضي لاستقراء المستقبل أخذاً في عين الاعتبار العوامل المتغيرة كلما كان ذلك ممكنا، وجميعها تعتمد على فرضيات وللحكم الشخصي دور مهم في بلورتها.
أكاد أجزم أن سبب الحيرة ليس في نماذج التحليل الرياضي، لكون أغلبها تم بناؤه وتطويره بناء على نظريات علمية ثبتت قدرتها على التنبؤ بالمستقبل في ظل مستوى خطر محدد مقدما وفي أسواق مالية متعددة، ولكن العلة في تطبيق هذه النماذج والمستنسخة جميعا من أسواق عالمية عريقة، ليس فقط النموذج الرياضي ذاته وإنما مدخلاته، فلو فرضنا جدلاً انطباق تلك النماذج على الأسواق الناشئة, فما الذي يضمن دقة وسلامة المدخلات؟ هل يتم قياس الإيراد كما يتم في الدول المتقدمة؟ وهل تتم تغطيته بمصروفاته؟ وبالتالي هل يمكن مقارنة مكونات قياس صافي الدخل بمثيلاتها في الأسواق العالمية؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها قد تثير بعض التساؤلات عند تطبيق النماذج الرياضية للتحليل الأساسي سواء الطولي أو العرضي، كما هو شأن سلوك متخذي القرارات الاستثمارية وكذلك أسس اتخاذ القرارات في ظل عدم تجانس القرارات ما دام جل المتداولين من الأفراد، إضافة إلى وجود شكوك لدى البعض بتأثير المعلومات الداخلية والشائعات في سلوك المتداولين وأثر ذلك في مدخلات نماذج التحليل الفني والأساسي.
ومع ذلك فإني متفائل بأن العمل الجاد والصبور من قبل منظمي السوق وخاصة هيئة السوق المالية سيؤتي أكله على المستويين المتوسط والطويل وسيحد من أثر جل هذه العقبات لنصل بسوقنا المالي إلى سوق ذي كفاءة عالية تمكن المحللين من النجاح، وإن غداً لناظره قريب.
والله أعلم,,,