دليل الحسابات والأصفار

لعل من أساسيات نظم المحاسبة الحديثة التركيز على بناء ما يُعرف chart of account’s أو دليل الحسابات الذي يعد عملا احترافيا وإبداعيا، ويتم في العادة تجاهله أو عدم إعطائه أهمية كبرى من قبل مصمّمي الأنظمة، وخاصة إذا لم يشاركهم محاسبون محترفون لهم الاطلاع الكامل على نموذج أعمال الشركة وتفاصيل الحسابات. وكما هو معلوم فإن قوة أي نظام محاسبي تعتمد على القدرة في بناء تفاصيل الحسابات، فكلما كان الكود لكل حساب تفصيليا أنتج بيانات تحليلية أكثر تفصيلاً، وكلما كان محدوداً قلت كفاءة استخراج البيانات والاستفادة المثلى منها، وهناك حقيقة محاسبية يلزم تذكرها دوماً عند تصميم دليل الحسابات، "إذا لم يتم إدخال تفاصيل الحدث المالي، حال حدوثه، يصبح مكلفاً إدخاله في مراحل لاحقة أخذا في الاعتبار التوازن بين التكلفة والمنفعة"؛ فعلى سبيل المثال إن تصميم الكود المحاسبي لحسابات عملاء البنك قد يعطي معلومات مالية في حده الأدنى وقد يصل أحياناً إلى تعريف دقيق للعميل (مسكنه، جنسه، دخله، إقراضه، فئته العمرية، عنوانه، وهكذا)، وفي الأخير يمكن تصنيف البيانات والحصول منها على معلومات ذات فائدة عظيمة كمستوى دخل العملاء وسكنهم وفئاتهم العمرية، ويمكن من هذه البيانات إجراء دراسات مالية وتسويقية ذات أهمية قيمية عند دراسة نماذج أعمال البنك المستقبلية، والتي قد يدفع عليها البنك مبالغ ضخمة في حالة عدم إدخالها وقت الحدث.
للدلالة على مدى قدرة دليل الحسابات في إنتاج بيانات تساعد على اتخاذ القرارات آنيا ودون تدخل بشري لك عزيزي القارئ تصور أن الموزع في أحد متاجر التجزئة الأمريكية، على سبيل المثال، يتلقى أوامر من الحاسب الآلي بنقل بضاعة ذات لون محدد إلى متجر آخر نظراً لكون هذا اللون غير مطلوب في منطقة المتجر، ولكنه مطلوب في منطقة متجر آخر، دون علم إدارة أي من المتجرين، هذا القرار اتخذ آلياً بناء على تحليل البيانات، المعتمد على دليل حسابات متقدم.
أخيراً، قد تفكر بعض الوحدات المحاسبية، وفي ظل ظروف التضخم العالمي والمحلي، حيث نسمع عن أحداث مالية بالبلايين يصعب أحياناً استيعابها، إلغاء ثلاثة أصفار من الأحداث المالية عند إدخالها إلى دفتر الأستاذ العام (G.L) أخذا في الاعتبار عامل الأهمية النسبية، لا أقصد الإفصاح ولكن أيضاً القياس المحاسبي، قد لا ينطبق هذا على كثير من الوحدات، ولكنه ذو فائدة مالية لبعضها، حيث يزيد من كفاءة عمليات الإدخال والخزن والاسترجاع.
والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي