هل نجحت قيادة الملحم للخطوط السعودية؟

المتتبع لحركة التغيرات الجذرية التي تشهدها الخطوط الجوية السعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة التي بدأت قولا وفعلا بتغيير ملامحها بشكل سريع وقوي وتوجهها إلى تقديم نفسها بصورة أفضل بكثير عن السابق يجزم بأن هناك عملا مهنيا جادا يسابق الوقت ويختصر الزمن بغرض وضع هذه الشركة العملاقة في مكانها الصحيح.
عندما تولى المهندس خالد الملحم دفة القيادة الإدارية بالخطوط السعودية بدأ الجميع يترقب ماذا سيعمل مع هذه التركة الثقيلة لا سيما أن الرجل جاء بعد تجربة إدارية تدرس لا يمكن أن تمر مرور الكرام عندما تذكر وهي ناجحة بخصخصة الاتصالات السعودية، مع العلم أن القارئ والمراقب لمشوار المهندس الملحم يعلم أن تاريخه المهني والعملي مليء بالنجاحات العملية مرورا بعدة مواقع سردها يطول.
من كان يذكر أول حديث للملحم بعد تعيينه بمنصب مدير عام الخطوط السعودية عام 2006 يجزم بأن الرجل جاء ليعمل وينجز ويسجل قصة نجاح جديدة ولا غير ذلك, ويحسب لهذا الرجل أنه لم يلتفت لتلك الانتقادات القاسية التي كانت تطوله منذ توليه المنصب الثقيل والتي لم تنتظر ولم تمنحه الفرصة لكي ترى ماذا سيقدم، بدأ عمله بصمت وقدم خططه وبدأ بالتنفيذ فورا متجاهلا أعداء النجاح ومتجاوزا تلك الإحباطات التي كانت تواجهه, أطلق خططه بتنظيم الإدارات وصنع جيل إداري جديد وأخذ يرتب الوضع المالي، كان الجميع يطلع علي سير العمل ويعلم عن خطواته دون غموض, وسط ترقب لخطوته الكبرى المتمثلة في خصخصة القطاعات المرتبطة بالخطوط السعودية، وبالفعل لم يتردد في تطبيق برامج قوية رسمت بخبرة مهنية عالية لتسارع في تنفيذ الخصخصة التي تركزت في البداية على وحدات التموين والشحن والصيانة والخدمات الأرضية وسط ذكاء كبير يحسب للملحم؛ حيث استطاع أن يشرك القطاع الخاص وفي الوقت نفسه يحفظ هذه الممتلكات لمرجعيتها الأساسية وهي الدولة حينما لم يقدم إلا الثلث منها للمستثمرين من القطاع الخاص بحيث تبقى النسبة الكبرى للخطوط السعودية نفسها، وهو ذكاء رجل دولة قبل أن يكون ذكاء استثماريا.

خطوة الخصخصة التي نجح في تنفيذها المهندس الملحم كانت كفيلة بتوفير عوائد مالية طائلة وغير متوقعة، وكانت بداية حقيقية للإنجازات التي بدأت تحققها الناقلة السعودية، وبدأنا أيضا نشاهد التحركات القوية للخطوط السعودية في معارض الطيران العالمية ونجاحها في شراء قرابة سبعين طائرة، وبتمويل ذاتي، وهو أمر لا شك أنه يعتبر نجاحا آخر، فالكثير من شركات الطيران في المنطقة تعتمد على القروض من أجل شراء صفقاتها من الطائرات وهي إيجابيات مهمة لا بد أن تحسب للملحم وللفريق الذي يعمل معه دون تجاهل، والنجاح لا بد أن يسرد ويذكر أيضا فالأمر لم يقتصر على ذلك بل امتد للبنية التحتية والربط الإلكتروني والتوسع مكاتبها الداخلية والخارجية، وفتح وجهات طيران مختلفة أصبحت التعاملات الإلكترونية كفيلة بإنجاز جميع متطلبات الحجز والتذاكر دون التعامل المباشر مع الموظفين وغيرها من الإجراءات التنظيمية، والإضافة الخدمية كل هذه الخطوات التطويرية كفيلة بأن تمنح الخطوط السعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة شهادة تقدم وتغير إيجابي، وهي أيضا تحسب لرجل التغيير والتطوير المهندس خالد الملحم وفريقه المساعد، فمن خلال عطاء عملي امتد لخمس سنوات بدأت الخطوط الجوية السعودية بتغيير جلدها بسرعة ملحوظة، وأخذت بتحقيق عوائد وأرباح مالية استغنت من خلالها على دعم الحكومة لها، وهذا مؤشر رئيسي على نجاح أي عمل إداري واستثماري، فالجميع لم يكن يتوقع أن يحدث هذا الأمر خلال هذه المدة، ولعل هذا يشجع الدولة على الموافقة والسعي قدما بالخطوة الأهم وفي تاريخ الشركة، ومن أهم الخطوات تاريخ الاستثمار السعودي والتي تخص خصخصة وحدة الطيران الأساسي بالخطوط الجوية السعودية، وهي نقلة نوعية مهمة وحديثة على المنطقة بأكملها، وستكون هي الأخرى خطوة كفيلة بأن تسارع في خطوات التغيير والتطوير، وتكون قصة نجاح جديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي