الإنفاق الإعلاني في الخليج في 2010

شكرا للفضائيات العربية التي تتمتع بقدرة الوصول للأسواق الإقليمية، تم تسجيل نمو سنوي قدره 24 في المائة في حجم الإنفاق الإعلاني وصولا إلى 13.7 مليار دولار في 2010 في دول مجلس التعاون الخليجي. ويمكن ربط هذا المستوى من النمو بتنامي حدة المنافسة بين الشركات الخليجية في قطاع الاتصالات والتي تعود بدورها لظاهرة تحرير الأسواق الإقليمية وفتحها أمام المنافسة.

عصر التلفاز
حسب إحصاءات الشركة العربية للدراسات والبحوث ''بارك'' التي تتخذ من دبي مقرا لها، فقد استحوذت وسائل التلفاز على 62 في المائة من مجموع النفقات في عام 2010 مقارنة مع 54 في المائة في 2009، وهي مسألة جديرة بالاهتمام. وقد سيطرت الفضائيات العربية على نحو نصف الإنفاق الإعلاني في العام الماضي؛ ما يعد أمرا لافتا وجديرا بالدراسة.
لا شك، تؤكد ظاهرة استحواذ الفضائيات العربية على نصيب الأسد من نفقات الإعلان أهمية إفساح المجال أمام مؤسسات مستثمري القطاع الخاص لدخول هذا القطاع الحيوي. المطلوب من الفضائيات الخاصة والتي ترغب في تحقيق الربحية تقديم الأفضل لزبائنها في سوق تنافسية، الأمر الذي لا ينطبق بالضرورة على المحطات الرسمية والتي بدورها تعتمد على الدعم الحكومي.
فضلا عن التلفاز، استحوذت الصحف على 27 في المائة من الإنفاق الإعلاني في عام 2010 مقارنة مع 33 في المائة في 2009. وربما يرتبط الأمر بانتشار وسائل الاتصالات الأخرى مثل (البلاك بري)، وخصوصا بين الشباب، الأمر الذي يخدم قطاع الاتصالات بشكل عام.
قطاع الاتصالات
حسب دراسة بارك، استحوذ قطاع الاتصالات على 17 في المائة من مجموع الإنفاق الإعلاني عام 2010، وهي نسبة غير قليلة لقطاع واحد فقط. ويبدو لنا أن هذا التطور يرتبط بشكل جزئي بتنفيذ مشروع السوق الخليجية المشتركة، الذي دخل حيز التنفيذ مطلع عام 2008. من جملة الأمور، يؤكد هذا المشروع إطلاق العنان لقوى الإنتاج بالتحرك دونما قيود. اللافت في هذا الصدد هو استمرار قيام شركات قطاع الاتصالات بتجربة أسواق الدول الخليجية الأخرى، مستفيدة من تخفيف القيود التنظيمية وتشجيع السلطات على دخول شركات أخرى كمشغل ثان أو ثالث، وبالأخص في مجال الهاتف النقال.
على سبيل المثال، بدأت شركة الاتصالات السعودية أعمالها في السوق البحرينية في عام 2010 عبر شركة فيفا، منافسة بذلك شركتي بتلكو البحرينية وزين الكويتية. وكانت الشركة السعودية قد فازت بالرخصة الثالثة في مزاد علني بتقديمها عرضا ماليا قدره 230 مليون دولار، فضلا عن إبداء رغبتها في بناء البنية التحتية وتقنية المعلومات والاتصالات.

خدمات الجوّال
حقيقة القول، ليس مفاجئا قيام شركات الاتصالات بلعب دور القيادة في الأخذ بالفرص الجديدة مستفيدة من بعض الحقائق الموضوعية. على سبيل المثال، توقعت دراسات متخصصة بارتفاع معدل تغلغل خدمة الجوال في دول مجلس التعاون الخليجي من 172 في المائة عام 2009 (184 في المائة) في 2010. وعلى هذا الأساس، أصبحنا قريبين جدا من فرضية امتلاك كل فرد لخطين وليس خطا واحدا، الأمر الذي يعني وجود فرص لبيع خدمات الاتصالات لقطاع واسع من الزبائن.
تؤكد ظاهرة تعزيز المنافسة بين شركات الاتصالات الخليجية، ومن ثم استعدادها لإنفاق الأموال على شتى أنواع الدعاية صدق مقولة آدم سميث باليد الخفية للمنافسة. وقد توفي سميث في عام 1792 لكن بقي صدق المبدأ الذي أشار إليه بضرورة إفساح المجال أمام المنافسة؛ لأن بمقدور هذه الصفة جلب الكثير من الفوائد للزبائن والاقتصاديات دونما تدخل من السلطات.

النظرة للأمام
بنظرة مستقبلية، ربما يحقق عام 2011 مفاجآت جديدة بالنسبة لحجم الإنفاق الإعلاني في دول مجلس التعاون في ظل تعزيز النفقات العامة، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على وضع الاقتصاديات المحلية. فقد أقرت السعودية موازنة السنة المالية 2011 بنفقات قدرها 154 مليار دولار بزيادة قدرها 7 في المائة عن المصروفات الأصلية المقدرة عام 2010. كما قررت عمان زيادة نفقات 2011 بنحو 9 في المائة إلى أكثر من 21 مليار دولار أي الأكبر في تاريخ السلطنة. عادة ينظر القطاع الخاص إلى زيادة النفقات العامة بنظرة إيجابية ورغبة في تتبع خطوات التوجه الرسمي.
بيد أنه ليس من المستبعد تعرض الإنفاق الإعلاني في البحرين لنكسة في أعقاب التراجع عن تنظيم فعالية الفورمولا 1 في آذار (مارس) نتيجة الأحداث السياسية والأمنية والمطالبة بإجراء إصلاحات شاملة في البلاد. يعد هذا التطور اللافت الأول من نوعه منذ استضافة البحرين هذه الفعالية الرياضية الاقتصادية في 2004. وكان حجم الإنفاق الإعلاني في البحرين قد سجل نموا قدره 37 في المائة في 2010 أي الأعلى على مستوى مجلس التعاون الخليجي. وقد تمكنت البحرين من تسجيل هذه الزيادة النوعية في الوقت الذي حدث نمو سلبي للإنفاق الإعلاني في الإمارات نتيجة بسبب تطورات سلبية في قطاع العقارات.
باختصار، عصر العولمة هو عصر الاتصالات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي