أبطئوا مظاهر الشيخوخة

ما الشيخوخة؟ هل يمكن تصنيفها على أنها مرض أم لا؟ وما أعراض الشيخوخة؟ هل هناك عمر محدد للشيخوخة؟ هذه الأسئلة مع مجموعة أخرى عن الشيخوخة هي ما افتتح به الدكتور أندي بركي من جامعة أي لينوي في أمريكا, أحد أبرز علماء الشيخوخة, محاضرته التي ألقاها في كلية الطب في جامعة الملك سعود الأسبوع الماضي. في هذه المحاضرة تكلم عن كيف أن الشيخوخة ما زالت حالة نجهل عنها الكثير, وكان من أبرز ما لفت انتباهي في هذه المحاضرة تأكيده على حقيقة أن مصطلح الشيخوخة أصلا مصطلح غير واضح المعالم, فلو قبلنا بأن الشيخوخة مرحلة زمنية في حياة الكائن الحي تتسم بضعف عام في وظائف هذا الكائن, سيبقى السؤال المهم هو متى تبدأ هذه المرحلة؟ وكيف يمكن التفريق بين عدم كفاءة عضو معين في أداء مهمته نتيجة علة معينة وبين عدم كفاءته بسبب الشيخوخة؟ وحسب رأي الدكتور بركي فإن بداية الشيخوخة عند الإنسان هو بلوغه الثلاثين من عمره! ويدلل على ذلك بأنه عندما يصل الإنسان إلى سن 30 سنة يبدأ كثير من وظائفه الفسيولوجية بالتناقص والاعتلال, وإن لم يكن هذا التناقص للوظائف الفسيولوجية والاعتلال ملحوظا بشكل كبير, لكن تبقى سن الثلاثين نقطة الفصل بين الشباب والشيخوخة, وما ينطبق على الوظائف الفسيولوجية لا ينطبق بالضرورة على الوظائف العقلية والقدرات .. ولتوضيح الصورة ضرب الدكتور بركي لذلك مثالا ألا وهو شيخوخة أبطال الألعاب الأولمبية, حيث إن عطاءهم يكون في قمته فيما بين 18 و28 سنة ومن بعد يبدأ في التناقص .. ومن هنا كان بلوغ الإنسان سن الثلاثين يعتبر الإعلان الأول لدخوله مرحلة الشيخوخة. ولعل المهم أن نعرف أن مرحلة الشيخوخة لا يمكن تجنبها, لكن يمكن أن نؤخر ظهور بعض آثارها, وذلك عن طريق اتباع ريجيم غذائي متوازن وصحي, وممارسة الرياضة بشكل منتظم, والأهم هو الاهتمام بالصحة النفسية, وهذا كفيل بأن يؤخر الكثير من مظاهر الشيخوخة بما لا يقل عن عشر سنوات, بل في الغالب بأكثر من ذلك بكثير حسب الدراسات العلمية التي أجريت في هذا المجال. وكان لي وقفة مع الدكتور بركي فيما يخص إمكانية استخدام الخلايا الجذعية لعلاج أو على الأقل التخفيف من مظاهر الشيخوخة, هذا مع علمي المسبق بأن التقدم في هذا المجال لا يكاد يذكر, لكن للتأكد من ذلك.
لذا, كوننا لا يمكن أن نتجنب الشيخوخة ولا يمكن أن نعالج مظاهرها الصحية والجسدية غير الحسنة, فلم يبق أمامنا إلا أن نسعى بكل جد لتأخير مظاهرها, وذلك بالتأكيد على العناصر الثلاثة الأساسية التي أثبتت فاعليتها: غذاء صحي, ممارسة الرياضة والعناية بالصحة النفسية. ومن الجدير بالذكر أن الصلاة والإكثار من الذكر عند المسلمين من أهم عوامل التنقية النفسية "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي