نزيف الأدوية

يتلف بين وقت وآخر كميات متفاوتة من الأدوية, وإن كان هناك أسباب تقنية وفنية عديدة لهذا الإجراء نتفهمها جيدا, يبقى أن إتلاف هذه الأدوية حقيقة مرة ويعد بكل المقاييس تصرفا غير مقبول ونحن في زمن الانفتاح, ولعله الآن يتبادر إلى الأذهان تساؤل ... هل من مخرج من ذلك؟! ... وإن لم نملك الإجابة القطعية عن هذا التساؤل إلا أنه لا شك ''على الأقل لدي'' في أن هناك العديد من الحلول. ابتداءً يجب أن يكون هناك مراجعة للآليات التي يتم عن طريقها شراء وصرف هذه الأدوية (ويشمل ذلك نظام المشتريات الحكومي), والبحث في إمكانية تطوير هذه الآليات. ومن بعد يجب أن تكون نقطة الانطلاق التالية نظرة فاحصة إلى التجارب العالمية, لتبني أو محاكاة الأنجع منها. ولعل التجربة البريطانية من التجارب الناجحة عالميا في هذا المجال،
فالنظام الصحي في بريطانيا نظام ترعاه الحكومة ويحصل المواطن والمقيم في بريطانيا على العلاج مجانا.... ومن ميزات هذا النظام أنه نظام تكاملي يستفيد من إمكانات القطاع الخاص دون أن يؤثر في مستوى تقديم الخدمات الصحية, لذا فالمرافق الصحية.... وخصوصا العيادات الأولية المنتشرة في جميع أحياء المدن والقرى البريطانية.... تخلو من أي صيدلية, ويعتمد النظام الصحي البريطاني في صرف مجمل أدويته على صيدليات القطاع الخاص، حيث يحصل المريض على وصفة طبية رسمية من قبل طبيبه المعالج, وبالتالي له الحق، وبناء على هذه الوصفة، في الحصول على الدواء من الصيدلية التي تعجبه وفي الوقت الذي يناسبه ومجانا. والصيدلية بدورها تتقدم بمطالبتها بتسديد قيمة هذه الوصفات للقطاع الصحي الحكومي حسب تسعيرة محددة مسبقا من قبل الدولة.
أعلم أن هناك من سيخرج بالعديد من المآخذ على هذا النظام ولكن بلا شك فوائده أكثر بكثير, ومن ذلك أنه لن يكون هناك دواء يتلف بعد اليوم من قبل الدولة, هذا ناهيك عما سيوفره للمواطنين من راحة كون المواطن لن يضطر ـ في حال تم تطبيق هذا النظام ـ إلى الوقوف أمام صيدليات المستشفيات أو دفع تكاليف شراء أدويته من حسابه الخاص. ولتلافي أي مساوئ لهذا النظام يمكن للدولة أن تضع تنظيمات عديدة منها على سبيل المثال إجبار الصيدليات الراغبة في المشاركة على توظيف السعوديين, وتحديد نوعيات معينة من الأدوية التي لا يشملها هذا النظام (مثل الأدوية والمركبات الخاصة بالتجميل).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي