تحية للشعب السعودي
تابع العالم كله من خلال الفضائيات والإعلام المقروء والمسموع والشبكة العنكبوتية كيف عاشت المملكة جمعة هادئة وطبيعية رغم التهويلات الكبيرة التي حرّضت لها جهات عديدة يؤرقها استقرار المملكة وسلامتها, مستغلة الظروف التي تمر بها المنطقة، إلا أن الرسالة التي وجهها الشعب السعودي للعالم كانت معبرة للغاية, وهي أن المملكة بلد أمن وسلام, وأن ذلك الشعب عظيم يستحق كل احترام وتقدير, وأن أي محاولة لتوجيهه صوب الفوضى والدمار محسومة دائماً بالفشل، وبذلك كسب السعوديون رهاني الوحدة والتلاحم اللذين ظهرا جلياً في الجمعة المباركة.
إن دعوات التظاهر لم تجد طريقها إلى آذان الشعب وعقولهم، لأنه يؤمن بأن قيادته الرشيدة تنظر إليه دوماً بأنه شريك أساسي وفاعل في بناء وطنه، في تلاحمه واستقراره، وكانت أروع ملحمة لتجديد الولاء والبيعة للقيادة، وللاستفتاء على وحدة الوطن. ومن هنا جاءت كلمات الأمير نايف بن عبد العزيز معبرة عندما هنأ فيها قيادة هذا الوطن بشعبه الوفي رجالاً ونساء كباراً وصغاراً شيباً وشباباً على موقفهم الوطني الكبير والرائع.
لم تؤثر الهزات العنيفة التي تشهدها المنطقة في ثبات الموقف السعودي. القيادة استطاعت أن تقود سفينة الوطن بروية وبهدوء واتزان ودون صخب أو ضجيج إلى مرافئ السلامة، وسط البحر الإقليمي المتلاطم, وذلك من خلال حس سياسي سليم لديها، حيث التزمت بثوابت وطنها يقابلها شعب يدرك أن وحدة وسلامة وطنه فوق أي اعتبار ويثق بقيادته ويدرك أن الإصلاح قادم، وأن مطالب الشعب ستتحقق ـــ بإذن الله ـــ عبر الحوار والتواصل والتلاحم مع القيادة.
الإصلاح يولد من رحم الحوار، من مزيد من الحوار الهادف والبنّاء من خلال مؤسسات يجب تأهيلها لتضطلع بالحوار، وإن مشاريع الإصلاح وكيفية تحقيقها على أرض الواقع لن تحدث ولن تتم من خلال إشاعة الفوضى إنما تجيء من خلال الحوار الذي تبناه واختاره وسعى إليه خادم الحرمين الشريفين ـــــــ حفظه الله ـــــ ذلك الحوار الهادف البنّاء، المنطلق من قناعة إحداث تحولات، إحداث نقلات، حوار الغاية والهدف، حوار يُعنى ويُوجه ويسهم ويشارك فيه أهل المشكلة أصالة لا وكالة بكل الشفافية والوضوح للوقوف على مواضع الداء وتحديد الدواء الناجع، حوار تكون فيه آلية التنفيذ فاعلة وعاجلة حتى يؤتي ثماره وأهدافه.
إن مطالب الشعوب من قيادتها حق مشروع, لكن ذلك يجب أن يكون بعيداً عن التأليب والترهيب مثلما تموج به بعض الشوارع العربية من المحيط إلى الخليج، حيث أصبح ذلك جزءاً من ثقافتها وذروة ومبلغ حرياتها، إلا أن معايير الحريات والثقافات لا تُستنسخ من خلال معارك الشوارع وعلو الهتافات ثم التشظي إلى تعدد الولاءات وتعدد الخصومات، ولا عن طريق التأثيرات الخارجية التي يجب رفضها شكلاً ومضموناً، فالولاء للقيادة وللوطن أمران لا مساومة عليهما.
حفظ الله هذا الوطن الأبي، وحفظ الله ولاة أمرنا، وحفظ الله هذا الشعب الوفي الذي قدم درساً للعالم, وهذه الأمة التليدة التي شرفها الله بأطهر البقاع وأقدسها، وحماها ــ عزّ وجلّ ــ وسيظل يحميها ـــ بمشيئته تعالى ــ من كل الأعداء والشرور.