نهاية التربية والتعليم
نظمت وزارة التربية والتعليم مطلع هذا الأسبوع المعرض والمنتدى الدولي للتعليم العام بمشاركة 26 متحدثا و20 ورشة عمل و111 عارضا و19 دولة مشاركة، وتركزت محاور هذا المنتدى على آلية تطوير التعليم العام والبيئات المستقبلية للتعليم في القرن الحادي والعشرين وبناء المجتمع المعرفي إضافة إلى تحسين الممارسات التربوية.
أتيحت لي الفرصة لزيارة المعرض في الرياض في مركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات، ومن يدخل المعرض يشعر وكأنه خارج المملكة وأن ما في داخل المعرض يكاد لا يمت بصلة عما هو خارجه فالجهات العارضة تقدم برامج ومشاريع لتطوير التعليم أقرب للخيال وأساليب العرض في جملتها تعتمد على أحدث التقنيات ومرتبطة بشبكة الإنترنت ومن خلال شاشات اللمس الحديثة، ومن يتجول في أجنحة المعرض يشعر وكأن هناك ولادة حديثة للتربية والتعليم في وطننا ومن خلال رؤية جديدة ومنهج حديث ومميز ينتظر أبناءنا وبناتنا، كما أنه يشعر في الوقت نفسه أن هناك نهاية وشيكة لأسلوب تعليمي وتربوي قديم عانى منه الكثير، كما عمد البعض إلى الإحجام عنه والتوجه إلى التعليم العالمي.
النهاية المرتقبة لذلك الأسلوب القديم لم تأت من فراغ بل أتت من خلال ما تم تحديده من رؤية مستقبلية للمنهج التربوي والتعليمي الجديد تركز على خطط وسياسات تهدف لتحسين التعليم مع التأكيد على أن من حق الجميع الحصول على تعليم مميز نفتخر به ونتميز به بين الأمم، إضافة إلى تمكين إدارات التربية والتعليم من أن تصبح مؤسسات تعليمية وقائدة للتطوير في مناطقها وتأهيل القيادات التربوية وتطوير القدرات البشرية على كافة المستويات التعليمية وتبني شراكات محلية وإقليمية وعالمية تدعم هذا التأهيل إضافة إلى تطبيق المعايير المهنية في التعليم ورفع مكانته في المجتمع وتطبيق نظام حوافز متكامل ثم تطوير المناهج وتحسين البيئة التعليمية ومصادر التعلم وفقاً لمعايير عالمية.
إن زيارة ذلك المعرض هو بمثابة زيارة أرض الأحلام للتربية والتعليم خصوصا في وطننا على الرغم من إمكانية وجودها في دول أخرى فأنت تتجول بين قطاعات عدة تقدم حزمة من المشاريع التطويرية منها ما يخص تطوير المدارس وتطوير القيادات التربوية وتدريب المعلمين ومعايير الاختبارات الوطنية والمسارات المهنية ومشروع المعلم الجديد ونموذج تطوير المدرسة لتحويلها من النمط التقليدي إلى مؤسسة تربوية حديثة إضافة إلى جوائز التميز الخاصة بالمعلم وغيرها من البرامج المختلفة.
إن تلك الرؤية المستقبلية لو طبقت فستحدث نقلة نوعية وطفرة غير عادية في منهجنا التربوي والتعليمي، وستسهم في إنشاء جيل قادر على بناء هذا الوطن وستحقق قفزة في مجال التربية والتعليم، كما ستعيد لهذا القطاع تقديره ومكانته في المجتمع، كل ما نحتاج إليه هو أن نترجم ما هو موجود من خطط رائعة ورؤى مستقبلية مشرقة وبرامج تطويرية مميزة موجودة ضمن جنبات ذلك المعرض إلى واقع عملي نجده في مدارسنا وضمن مناهجنا وفي المستوى التعليمي لأبنائنا.
إن من يتجول في ذلك المعرض يستشعر نهاية حقبة من التربية والتعليم في وطننا وولادة حقبة جديدة، وكم يتمنى لو أن بالإمكان أن يغمض عينيه ثم يفتحها مرة أخرى ليجد كل ذلك على أرض الواقع، إنه المعرض الحالم الذي تحقق بعضه في عدة دول من حولنا وكم نتمنى أن يصبح حقيقة في وطننا، وهو المعرض الذي نأمل أن نرى من خلاله منتجاً يتمثل في طالب وطالبة متمسكين بعقيدتهم الإسلامية ومستمتعين بدراستهم ومنجزين ومنتجين للمعرفة، نأمل أن تكون مخرجات تعليمنا تتمثل في روح إيجابية وفكر سليم وشخصية نموذجية، ومنشآت حديثة راقية توفر تعليماً عالي الجودة من خلال معلمين مؤهلين ومنهج مطور.
ولن نعجز عن تحقيق هذا الحلم فحكومتنا ــ حفظها الله ــ وفرت كافة الإمكانيات لتحقيق هذا الحلم وكم أتمنى أن يكون هذا المعرض وما فيه من برامج ومشاريع معيارا نقيس بعده في كل عام وفي الوقت نفسه ما تم تحقيقه من تلك البرامج المميزة التي عرضت في ذلك المعرض وما لم يتحقق منها لنعمل سويا لبداية حقبة جديدة للتربية والتعليم نفتخر ونعتز دائما بهما.