الاقتصاد القطري من قوي لأقوى

يبدو أن الاقتصاد القطري على موعد لتحقيق نتائج مثالية في عام 2011 أفضل من تلك التي تم تحقيقها في 2010 لأسباب مختلفة، وفي مقدمتها بقاء أسعار النفط والغاز مرتفعة نسبيا، يشار إلى أن قطر تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لتصدير الغاز الطبيعي المسال، تماما كما هو الحال مع السعودية بالنسبة لتصدير النفط الخام.

النمو الاقتصادي
وإذا كان هناك خلاف بين المصادر الدولية المتنوعة فهو بالنسبة لمستوى النمو الاقتصادي القطري، فقد جاء في تقرير حديث أصدره بنك سامبا السعودي أن الناتج المحلي الإجمالي القطري حقق نموا فعليا، أي معدلا لعامل التضخم قدره 16 في المائة في عام 2010 على أن يرتفع إلى 19 في المائة في 2011. في المقابل، أشارت تقارير أمريكية صادرة من جهات رسمية مثل وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية إلى أن الاقتصاد القطري سجل نموا اقتصاديا قدره 19 في المائة في عام 2010.
بدوره، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد القطري بواقع 20 في المائة في 2011 بعد تسجيل نسبة نمو قدرها 16 في المائة في 2010. وعلى هذا الأساس، يلاحظ وجود نوع من توافق بين إحصاءات كل من بنك سامبا وصندوق النقد الدولي، فيما يخص أداء العام الماضي على وجه التحديد. لكن كما أسلفنا، العامل المشترك بين كل هذه المصادر هو قدرة الاقتصاد القطري على تحقيق إنجازات أقل ما يقال عنها إنها قياسية في هذا العصر.
بيد أنه من شأن النمو المرتفع نسبيا إعادة ذكريات التضخم للعامين 2007 و2008. وقتها عانت دول مجلس التعاون وبالأخص قطر معضلة التضخم المستورد، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط، خصوصا في تموز (يوليو) من عام 2008 عندما بلغ السعر 147 دولارا للبرميل. من جملة الأمور، تسببت ظاهرة ارتفاع وبقاء أسعار النفط مرتفعة لفترة زمنية إلى قيام بعض الدول المستوردة للنفط برفع أسعار بعض صادراتها بقصد التعويض. حقيقة القول، تتميز دول مجلس التعاون باستيراد الكثير من حاجياتها من الخارج، خصوصا المنتجات الزراعية بسبب عامل القدرة التنافسية. وما ساعد على تفاقم الأزمة ارتباط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار، كل ذلك في الوقت الذي فقدت فيه العملة الأمريكية جانبا من قيمتها.

حجم الناتج المحلي
حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، ربما بلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي القطري بالأسعار الرسمية قرابة 128 مليار دولار في عام 2010، الأمر الذي يضع الاقتصاد القطري في الترتيب الثالث بين دول مجلس التعاون الخليجي الست بعد كل من السعودية والإمارات، لكن قبل الكويت. ويلاحظ في هذا الصدد تأخر الاقتصاد الكويتي للمرتبة الرابعة بالمعيار نفسه بقيمة إجمالية قدرها 117 مليار دولار.
مرد التقدم القطري هو القدرة على تطوير أداء قطاع الطاقة في ظل الزيادة المطرة لإنتاج الغاز. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعي المسال في قطر 77 مليون طن سنويا، حيث تم إنجاز هذا الأمر قبل الموعد الأصلي المحدد له في 2012. تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران، لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية، خصوصا من الولايات المتحدة، لتطوير صناعة الغاز عن طريق توظيف أساليب التقنية الحديثة. استنادا إلى تقرير تابع لشركة بريتيش بتروليوم، تبلغ حصة كل من روسيا وإيران وقطر من الغاز الطبيعي المكتشف تحديدا 23.4 و16 في المائة و14 في المائة على التوالي.

مستوى دخل الفرد
كما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي، الذي صدر في وقت لاحق من الشهر الجاري، يتوقع أن يتخطى متوسط دخل الفرد في قطر حاجز 100 ألف دولار للفرد مع نهاية 2011، أي الأعلى بلا منازع على مستوى العالم، وهذا يعني تأخر لوكسمبورج للمركز الثاني بمتوسط دخل بنحو 83 ألف دولار للفرد. المشهور تقليديا تربع لوكسمبورج على عرش الدول الأكثر دخلا بالنسبة للفرد، لكن أصبحت قطر منافسا رئيسا لها في السنوات القليلة إلى أن نجحت في تخطيها.
يضاف إلى كل ذلك، توقع بقاء مستويات النمو مرتفعة قبل وبعد فترة زمنية لاستضافة قطر فعاليات كأس العالم 2022، وذلك للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط. فهناك حديث عن استثمار أكثر من 100 مليار دولار على مختلف المرافق المرتبطة بالمونديال من منشآت رياضية، وفنادق، وخدمات متنوعة.
أخيرا، وليس آخرا، يستفيد عديد من الدول الواقعة في قارة آسيا من الأداء النوعي للاقتصاد القطري بدليل تمثيل المواطنين أقلية السكان في قطر، فحسب الإحصاءات المتوافرة، يشكل المواطنون نحو 20 في المائة، وهي نسبة الهنود الذين يعملون ويعيشون في البلاد، كما يشكل رعايا الفلبين وباكستان نحو 10 و7 في المائة من السكان على التوالي. بدورهم، يقوم العمال الوافدون بإرسال أموال إلى ذويهم وأحبتهم في بلدانهم، تطبيقا لمقولة الخير يعم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي