كيف ستسعِّر المؤسسات المالية مسار الفائدة في العام الجديد؟

                استمر الاحتياطي الفيدرالي في تخفيض أسعار الفائدة وفي اجتماعه الأخير في ديسمبر، خفض أسعار الفائدة بربع نقطة ليصل بين أربعة وربع وأربعة ونصف بالمئة، وكان حديث رئيس الاحتياطي الفيدرالي يشير إلى قلق مستمر من التضخم وقوة للاقتصاد الأمريكي وقوة قطاع التوظيف ومستويات منخفضة للبطالة، ما كان له أثر في استمرار القلق من التضخم وقد يتوقع البعض أن الفيدرالي سيستمر في سياسته المتحفظة تجاه الخفض، بحيث قد يكون هناك خفضا لأسعار الفائدة في 2025 ولكن بوتيرة أقل، بحيث لا تتجاوز نصف نقطة لكامل العام.

أسعار الفائدة لها انعكاسات كبيرة ليس على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل مختلف دول العالم التي غالبا ما تكون عملاتها مرتبطة بالدولار، حيث تغير في أسعار الفائدة وفقا لقرارات الفيدرالي الأمريكي لكي لا يحصل نوع من التذبذب في أسعار عملاتها.

بعد اجتماع الفيدرالي وحديث رئيسه بدأ يسود الأسواق توقعات بأن هناك خفض أقل في الفترة القادمة خلال 2025 وانعكس ذلك على الأسواق الأمريكية، وبعض السلع الرئيسية إلا أن الأسواق بدأت تمتص نتائج هذه التوقعات وتعود لتستقر ولكن نتائج الشركات سوف تحدد مدى تأثرها بذلك باعتبار أن لديها ديون تتأثر باستمرار أسعار الفائدة.

الحقيقة أن الفترة المقبلة رغم تباين التوقعات فيما يتعلق بأسعار الفائدة إلا أنه قد يكون لا أحد أو قلة من يتوقع ارتفاع أسعار الفائدة مجددا، إنما الاختلاف في حجم الخفض وهنا يمكن أن تختلف التوجهات بين متفائلة ومتحفظة نسبيا إلا أن القطاعات التي ستستفيد من انخفاض أسعار الفائدة سوف تستفيد على أي حال مقارنة بالحالة التي كانت عليها في الأعوام الماضية، عندما تجاوزت الفائدة 5%.

فيما يتعلق بالصكوك الإسلامية، ستتأثرعوائدها سلبا خصوصا الصكوك طويلة الأجل باعتبار أنه خلال العامين القادمين قد نشاهد الفائدة عند مستويات بين 3 و4% وقد تنخفض في أعوام تالية عطفا على الأوضاع في الأسواق، ما يعني أن هذه الصكوك سوف تسعر هذه الاحتمالات خصوصا الصكوك ذات العائد الثابت، ولذلك قد نجد أن بعض الشركات سوف تشتري بعض إصداراتها من الصكوك بغرض طرح صكوك أقل تكلفة منها أو البحث عن بدائل للتمويل.

فيما يتعلق بالحسابات الادخارية المتوافقة مع الشريعة التي تقدمها مجموعة من البنوك أصبحت عوائدها في مسار منخفض، بل حتى طويلة الأجل نسبيا منها أصبحت تقدم عوائد أقل فيما لو اختار العميل الاستثمار في هذه الحسابات لمدة عام مقارنة بالاستثمار لمدة 3 أشهر، ما يعني أن البنوك أصبحت تسعر على أسعار الفائدة مستقبلا على نسب أقل.

تكلفة التمويل لها تأثير في الأسواق في العالم فمعظم الشركات لديها ديون والقليل منها لديه فائض يتم استثماره في أدوات مالية منخفضة المخاطر، بالتالي قد يكون للخفض السابق لأسعار الفائدة أثر إيجابي على معظم الشركات وفرص حصولها على تمويل مستقبلا من الشركات، الرهن العقاري سيستفيد من خفض أسعار الفائدة حيث ستنخفض تكلفة التمويل كما أن العملاء يمكن أن يحصلوا على مبالغ أعلى لشراء منازل وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الطلب على هذا القطاع.

فالخلاصة مسار الفائدة الذي يميل إلى الانخفاض سيكون له انعكاسات متباينة حيث ستستفيد الكثير من الشركات بالحصول على تكلفة أقل للتمويل، إلا أن الاستثمارات منخفضة المخاطر سوف تتأثر عوائدها والتي بدأت فعليا تسعر أسعار الفائدة على مسار أكثر انخفاضا مستقبلا.            

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي