النظام يريد احترام الشعوب

لا يمكن أن تفتح القنوات التلفزونية الإخبارية وتشاهد أي نشرة أخبار خلال هذه الأيام دون أن تسمع شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) فقد انطلق الشعار من تونس وعبر مصر وهو اليوم يتردد في عدد من الدول العربية، بعض الأنظمة في تلك الدول تتعامل مع هذا الشعار بشكل عكسي فهي تريد أن تغير الشعب في سبيل أن يبقى نظامها ولو كلف ذلك إبادة ذلك الشعب والقضاء عليه وعلى مقوماته وعلى ما في أرضه من ثروات في سبيل استمرار أنظمتهم الحاكمة.
هناك تعامل آخر لهذه العبارة ولا يقصد به الأنظمة الحاكمة بل يراد به الأنظمة الإدارية، كما لا يقصد به تغيير الشعب كشعب ولكن الشعار (النظام يريد احترام الشعب) ويقصد منه أن الأنظمة والتعليمات التي يتم وضعها ويؤمل في الالتزام بها لا تحظى بالتقدير والاحترام في بعض الدول ولذلك فالنداء المقترح أن الأنظمة الإدارية تريد القبول والاحترام من الشعوب، والسؤال الذي يطرح نفسه هل المشكلة في الأنظمة التي وضعت أم المشكلة في تطبيقها، أم المشكلة في العادات السلبية للشعوب، بعض الأنظمة اعتادت الشعوب جيلا بعد جيل على مخالفتها وارتكاب ممارسات سلبية تجاهها بل وتجاهلها في بعض الأحيان حتى أصبح هذا السلوك جزءا من ثقافة المجتمع، ولكي يتم تغيير هذه العادات وتصحيح تلك السلوكيات فلا بد من إعادة النظر في تلك الأنظمة وفي أسلوب تطبيقها في المجتمع.
هناك عديد من الأمثلة على عدم احترام الأنظمة في كثير من شؤون حياتنا ابتداء من الشارع، فالبعض لا يحترم أنظمة المرور على الرغم من إطلاق برنامج (ساهر) ووجود تحسن ملحوظ من خلال ما أعلن من إحصائيات عن انخفاض نسبة الحوادث، إلا أن الوقوف عند أي إشارة مرورية يؤكد أن نسبة كبيرة من الشعب وأفراد المجتمع لا تحترم نظام المرور، ونظام المرور هو مثال من عدة أمثلة على الأنظمة التي لا تحترمها الشعوب، فلا احترام للسلوكيات في المرافق العامة ولا احترام لبيوت الله ولا احترام لقيمة الإنسان في بعض المرافق الحكومية ولا احترام لكثير من الأنظمة التجارية ولا احترام للمتلقي من قبل الكثير من الوسائل الإعلامية، وغيرها من الأمثلة والنماذج التي تتطلب منا أن نرفع اليوم شعار (النظام يريد احترام الشعب).
عندما يسافر أي منا من وطنه إلى دولة أخرى خصوصا في أوروبا نجد أن الحرص والاهتمام والخشية من خرق النظام تبلغ أقصاها لدى الكثيرين منا، بل إن البعض يحرص على أن يسأل ويتحرى ويقرأ عن الأنظمة الموجودة في تلك الدول ليقوم باتباعها لعلمه بأن النظام هناك هو أمر لا جدال فيه ولا مجال للتهاون فيه وأن العقوبات عند المخالفة تطبق على الكبير قبل الصغير، فقد حفظ النظام حق الجميع سواء كان فردا أو دولة أو مجتمعا، وعلى النقيض من ذلك فبمجرد العودة إلى أرض الوطن تبدأ مخالفة النظام وعدم احترامه منذ هبوط الطائرة.
إنها ثقافة تحتاج منا إلى جهد جهيد وعمل دؤوب ونشاط جماعي متكاتف وتشريعات مركزة تعيد الهيبة إلى الكثير من الأنظمة التي فقدت هيبتها، وتعيد الاحترام والتقدير إلى المؤسسات التي لم يعد أفراد المجتمع يشعرون بقيمتها، بل إن البعض إذا تم تحذيره بأن مخالفته للنظام يمكن أن تؤدي إلى إلحاق عقاب ما به، ابتسم وقال إن تمكنت فافعل ما في وسعك.
كيف يمكن أن يحظى النظام بالاحترام؟ سؤال كبير علينا أن نسعى جميعا للإجابة عنه فمن المؤلم أن يتم العمل على وضع أنظمة وتشريعات ثم لا يتم وضع ضوابط تلزم كل أفراد المجتمع باتباعها ومعاقبة من يخالفها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي