العلاقة الوثيقة بين الماضي والحاضر
نشأت أجيال عديدة من أبناء هذا الوطن الكريم؛ وهي على ارتباط وثيق بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة؛ الذي أصبح معلماً ثقافياً للمملكة أثرى معرفتنا بتراث وطننا وتاريخه ومنجزاته وقدّم لنا خلال سنوات عديدة برامج وأنشطة تتناول مختلف المجالات التاريخية والثقافية والتراثية، كما شكل المهرجان مناسبة سنوية لالتقاء القيادة بأبناء الشعب السعودي الكريم.
إن نجاح واستمرارية المهرجان وقدرته على التجدُّد تمنحنا انطباعا عن مدى الجهود المبذولة في تنظيمه كل عام بتلك المستويات الرفيعة وتعطينا مؤشرا على اهتمام القيادة الرشيدة بالتراث والثقافة، كما أن اهتمام المواطن السعودي بهذه المناسبة وانتظاره لها يدلان على مدى ارتباطه بموروثه وتمسكه بهويته العربية والإسلامية وحرصه على معرفة تاريخه.
إن المتابع للمهرجان يلاحظ مدى التطور الذي يطرأ على المهرجان كل عام، وخلال عمر المهرجان طيلة الـ 26 عاماً لم يخل عام من التجديد والتحديث، وتمتع المهرجان بحيوية ومرونة جعلته قادراً على التطور واستحداث برامج جديدة في كل عام. ولم تعد المناسبة مجرد عروض فلوكلورية ومشاهد تراثية، بل أصبح المهرجان تظاهرة ثقافية تضم ندوات وأنشطة وسجالات فكرية متنوعة تتناول قضايا محلية وعالمية غاية في الأهمية تشتمل على جوانب اجتماعية وسياسية وثقافية وفنية إلى غير ذلك من المجالات، كما تعطي المشاركات العربية والخليجية في المهرجان وحضور شخصيات عالمية دلالة أخرى على أهمية المناسبة وشهرتها العالمية.
ويأتي افتتاح بيت المنطقة الشرقية ضمن أروقة المهرجان هذا العام امتداداً لتطور المناسبة وتجسيداً لأهمية المنطقة وعراقة تاريخها الممتدة لآلاف السنين والتي تعاقبت فيها حضارات عديدة وصولا للعهد السعودي الزاهر الذي توج تاريخ المنطقة بفترة تعد أزهى عصورها على الإطلاق وتحولت فيه المنطقة الشرقية من سواحل يعيش أهلها على ما يجود به عليهم الخليج إلى منطقة تضم عدداً من المدن العصرية تضاهي بإمكاناتها ومرافقها الصناعية والسياحية والحضارية أهم مدن العالم.
إن الأماكن التاريخية التي تزخر بها المنطقة الشرقية وتنوع الموروثات الشعبية والفلوكلورات تجسّد غنىً حضاريا وثقافيا وتدل على ماضٍ عريق عاشته المنطقة بينما تجسّد النهضة الحالية والتطور الحضاري والاقتصادي حاضراً مجيداً تعيشه في ظل قيادتنا الرشيدة، فيما تنبئ الخطط والاستراتيجيات المستقبلية والقدرات الكامنة والثروات الهائلة في المنطقة عن مستقبل مشرق ـــ بإذن الله ـــ ستعيشه المنطقة أسوة ببقية مناطق المملكة.