ثورة الأحواز.. القوميات تنتفض وتشد إيران من أطرافها

تعيش إيران حالة كبيرة من القلق المشوب بالخوف؛ فهي تنظر إلى نقطة الارتكاز الاستراتيجي في علاقاتها مع سورية، وهي تعيش حالة احتجاج كبيرة، واستخدام للقوة قد يفضي إلى التغيير، وحديث عن صراع داخلي بين الرئيس الأسد وبرنامجه الإصلاحي وبين معارضين للإصلاحات، وبين حراك شعبي بدأ يطول مختلف المدن السورية، كسر فيه السوريون حاجز الخوف، رغم الوساطات التركية المتعددة الاتجاهات مع الإخوان المسلمين والأكراد ومع الإدارة الأمريكية، ومخاوف إيران أن يكون للتغيير في سورية ارتدادات على حزب الله وحركة حماس ونزع أوراقها الرابحة في المنطقة، وارتدادات داخلية أيضا، خاصة بعد فشل إيران في تحقيق أحد عناصر مشروعها الاستحواذي في المنطقة، حيث أنهت قوات درع الجزيرة نقطة عملية في المخطط الإيراني، وعليه فإن قوى المعارضة الإيرانية وخاصة في عربستان ترى أن المتغيرات في المنطقة ليست استنساخا للثورة الإيرانية وليست من روح الخميني، وما سيجري في إيران خلال الأيام المقبلة سيؤكد أن عدوى الثورة المضادة ستشد طهران من أطرافها القومية التي تعيش حالة من الذل وعدم الاعتراف السياسي.
ففي عربستان وحدها يعيش 12 مليون عربي من زاجروس حتى مضيق هرمز، بلاد ممتدة ما زالت تحتفظ بهويتها العربية تشكل فاصلا تاريخيا وجغرافيا بين العرب وفارس، تكافح من أجل استقلالها بعد اغتصاب دام 86 عاما منذ عام 1925، تعيش على أرض طافحة بالثروة، لكن أهلها فقراء وجوعى، مهمشون بالقوة وبسياسة عنصرية شعوبية، تحتقر العرب وتمنعهم من الإحساس بشعورهم القومي، أو التغني بتراثهم وفلكورهم الجميل، والصور والتاريخ مليئة بالأحداث الذي تؤكد حضور عربستان كحاضرة عربية وكإمارة عربية على حضن الخليج، وإن اغتصبتها إيران فإن الأحوازيين يبشرون بالثورة ويبشرون باستعادة أرضهم المغتصبة.
يروي أحد الأصدقاء من المحمرة أن ثورة نيسان الأخيرة كانت مهمة بالنسبة لأهل عربستان عامة؛ كونها أولا كانت تحد لإرادة الدولة الصفوية ومطالبة بحقوق مشروعة جرى التكتم عليها أكثر من 86 عاما فترة الاحتلال الإيراني لهذا الإقليم العربي، وثانيا لأنها جاءت في فصل الثورات الشعبية المطالبة بالحقوق في وجه الاستبداد السياسي، ولكونها كشفت الغطاء عن الوجه الإيراني، وثالثا لأنها وجدت صدى عالميا، فعلى الرغم من منع وسائل الاتصال كافة لتغطية ما يجري في الأحواز، إلا أن الأحوازيين استطاعوا أن يوصلوا أصواتهم للخارج، ورابعا أن تدخل إيران في شؤون المنطقة ومحاولتها تصدير أزماتها للخارج سمح لدول العالم ووسائل إعلامه فتح هوامش كبيرة لكشف ما يجري في إيران، وكشف سياسة الكيل بمكيالين وجه إسلامي والآخر دموي شعوبي، وخامسا أنه وعلى الرغم من الجهود الكبيرة لتفريس الإقليم العربي، إلا أن جهود إيران كانت باستمرار تبوء بالفشل أمام إصرار أهل عربستان وقوة تصميمهم على أخذ حقوقهم المغتصبة، ويؤكد علي الموسوي أن إيران عندما تحاول إلغاء هويتهم القومية، ومنع التحدث بلغتهم العربية، ومنع قراءة القرآن، ومنع تداوله، فإن هذه الإجراءات تلهب حماسة الأحوازيين العربية والدينية وتجعلهم أكثر قدرة على مواجهة القمع والاحتلال الإيراني.
ويروي الموسوي أن الأحداث الأخيرة دفعت الاستخبارات الإيرانية إلى تبني سياسة فرّق تسد وعملية الصدام الداخلي والتفرقة بين المواطنين الأحواز، غير أنها لم تنجح؛ فهناك ترابط اجتماعي وتعاون عجيب يصعب تهميشه وكسره، فقد استخدمت إيران وسائل عديدة لترويض العرب، ودمجهم الإجباري والاختياري، لكنها فشلت، وفي كل مرة يتضح لطهران أن هذا الإقليم مختلف تماما وغير قابل للدمج القسري، رغم سياسة التجويع والحرمان والتجفيف المستخدمة.
وكنت قد سألت الموسوي عن ثورة الأحواز في 15 نيسان (أبريل) الماضي فقال: إن الثورة في الأحواز عمل دائم لا ينتهي، وأن ثورة نيسان الماضية أردناها حربا إعلامية على نظام سياسي يعيش ذروة أزماته، ودعوة للتوحد ضد الهيمنة الفارسية باستعادة حضورنا العربي، فقد واجهت القوات الأمنية إصرار المتظاهرين على التظاهر، وأن الاستخبارات فرضت على بعض المجندين من أصول عربية لإطلاق النار على أبناء جلدتهم فأبى العديد منهم، ويضيف: لقد أمر ضابط يدعى حاج يزداني بإطلاق النار على المتظاهرين، وهنا وجد المجند رضا نفسه أمام خيارين تنفيذ الأوامر وإطلاق النار على إخوته وأبناء شعبه أو عصيان الأوامر وتحمل تبعاتها، غير أن المجند رضا لم يستحب للأوامر وأخذ يطلق النار في الهواء، إلا أن الضابط حاج يزداني طلب إليه أن يصوّب بندقيته إلى صدور المتظاهرين غير أن رضا لم ينفذ الأوامر فاتهمه الضابط بالخيانة وهدده بالقتل ومن ثم أطلق النار عليه بشكل مباشر وأرداه قتيلا، تراجع المتظاهرون أمام وابل الرصاص، فعاد الجنود للخلف فوجدوا الضابط يزداني يصرخ ويبكي عند جثمان رضا، أمر بقية الجنود أن يحملوه وهو يصرخ: ميكشم مي كشم أنكه برادرم كشت (سوف أقتل، سوف أقتل، من قتل أخي).
قطعت إيران عنهم الإنترنت والاتصالات والكهرباء، وقبلها حاولت طهران إنهاء علاقتهم وحضارتهم العربية، عملت ما بوسعها لتغيير مجرى التاريخ وتغيير الديمغرافيا، فغيرت مجرى نهر الكارون، لتجفيف الزرع ولتجفيف أغاني أهل الأحواز والتغني بتاريخهم المجيد، منعتهم من الاعتزاز بتراثهم والاحتفاظ بالفلكلور العربي الأحوازي، غيرت أسماء المدن، ومنعتهم من تسمية أبنائهم بأسماء عربية، ولهذا للعربي في الأحواز اسمان، رسمي في الدوائر الإيرانية وخاص في الدائرة الاجتماعية، ولهم سجلات خاصة يحتفظون بها سرا بعيدا عن أعين الداخلية الإيرانية، كما أعدمت طهران المشايخ ورجال الدين المعروفين، قتلت حتى اليوم منذ ثورتهم في 15 آذار (مارس) 2011 ما يربو على 200 شخص واعتقلت ما لا يقل عن 700 شخص ومارست العنف والتعذيب الجسدي ليس في السجون المخابراتية وإنما اقتحمت البيوت والمنازل وجعلتها سجونا في دولة تدعي أنها إسلامية وأنها ديمقراطية، رغم أن عرب إيران أغلبيتهم من الشيعة ليتضح أن منهج إيران صفوي قومي بامتياز.
ويؤكد حامد الكناني (مدير مركز عربستان للدراسات الإستراتيجية) أن رضا شاب عربي من شباب مدينة البسيتين في عربستان، عمره 19 عاما، التحق بالخدمة العسكرية قبل عام تقريبا، كان رضا يعتز بعروبته ويتطلع لليوم الذي يعيش فيه كباقي شباب عصره، يعشق البسيتين وأهلها ويحاول أن يتعلم ويكمل دراسته حتى يقوم بخدمة أهل مدينته الحدودية الجميلة كان يعرف معاناة الناس والأرض والنهر جيدا، كان يعيش هذه المأساة كل صباح وكل مساء، كان ينتظر إجازته بفارغ الصبر؛ فهو مشتاق لرؤية أهله ولرؤية خطيبته التي تعد الأيام لانتهاء خدمته العسكرية، كان الجندي رضا ينظر إلى أبناء شعبه من المتظاهرين ويردد شعارهم في قلبه ويبتسم.. بينما فبركت المخابرات الإيرانية قصة تؤكد فيها ببيان أن من قام بقتل رضا هي جهة تدعى جبهة تحرير الأحواز، وأنها قتلت أحد جنود الاحتلال الفارسي، فيما اعتقلت المخابرات الإيرانية ثمانية من شباب الأحواز؛ لتتهمهم بقتل رضا والسؤال الذي يطرحه الكناني هو كم عدد الأشخاص والجنود الأحوازيين الذين لم ينفذوا أوامر السلطات الإيرانية وتم تنفيذ الإعدام فيهم على يد هذه السلطات؟
والأحواز العربية فيها أكبر حقول النفط الإيرانية، لكن شعب الأحواز محروم من ثروته الوطنية، ويشير قائم مقام مدينة الحويزة العربية غلام علي يافته أنه على الرغم من وجود أربعة حقول نفطية عملاقة من مثل حقل يادآوران الشمالي وحقل يادآوران الجنوبي وحقل آزاديجان وحقل الجفير النفطي، إلا أن السكان العرب في منطقة الحويزة يعانون الفقر والحرمان ولم تعالج الكثير من القضايا، خاصة قضية البطالة في السنوات الماضية، ويعترف أن هناك إقصاء وتهميشا متعمدَين لأبناء هذه المدينة، وأن العاملين في الحقول النفطية هم من خارج المدينة، وأن سياسة التوظيف تقضي بعدم توظيف العرب، وأن كل ما حصلوا عليه من هذه الشركات هو تلوث البيئة وارتفاع معدلات البطالة وتدمير الطرق وشبكة المواصلات، إضافة إلى الجفاف الذي أصاب نهر الكرخة ومنطقة هور الحويزة الذي حدث نتيجة بناء السدود في المناطق الشمالية ومصادرة المياه وحرف اتجاه الأنهار إلى المناطق الفارسية في العمق الإيراني.
أما يوسف عزيزي ممثل مركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران، والناشط على مستوى عالمي فقد أكد مرارا وفي الأمم المتحدة أن التمييز لم يعد توجها رسميا في إيران، بل ثقافة فارسية، ويضيف عزيزي أنه خلال حياتي اليومية بين أبناء هذه الشرائح، اكتويت مرارا بنار الكراهية للعرب، إن كان ذلك في الصحيفة التي كنت أعمل فيها أو بين أوساط المثقفين الفرس أو في الحافلات العامة أو سيارات الأجرة، وإنني خلال عملي الصحافي عثرت على وثيقة نشرتها دائرة الإحصاء في مدينة الأهواز، تفيد بأنه وخلال عشر سنوات (1996 - 2006) تم إسكان 833000 غير عربي في هذه المدينة وحدها، وهذا يعني أن نحو مليون شخص تم تهجيرهم وإسكانهم في مدينة الأهواز حتى عام 2010؛ وذلك لتغيير النسيج السكاني لغير صالح العرب الأهوازيين، ويطالب عزيزي الأمم المتحدة أن يتم اعتماد اللغة العربية لغة لهذا الإقليم لاعتبارات قومية، وأن تعتمد للدراسة، باعتبارها حقا إنسانيا، ورغم توقيع إيران على المواثيق الدولية إلا أن إيران لا تعمل بها إطلاقا، وسن قوانين تحول دون عمليات التفريس والنهج العنصري واستعداء العرب، ورفع الحظر عن الأحزاب والمؤسسات المدنية والحقوقية غير الحكومية، وتخصيص 20 في المائة من إيرادات النفط المستخرج من هذا الإقليم لتطويره من الناحية الاقتصادية والتنموية.
إيران تعيش اليوم كابوسا متفجرا من الداخل أزمة داخل النظام نفسه وأزمة خارجه، فالقوميات تسعى للحصول على حقوقها في ظل الدولة الدينية التي تمنع الترشح لرئاسة الجمهورية لشخص من قومية أو طائفة أو مذهب آخر حتى ولو كان شيعيا من أصول عربية، بل إن الدستور يؤكد ضرورة أن يكون فارسيا، وهذا يتناقض كلية وطبيعة الدين الذي لا يكون أداة لخدمة الهدف القومي، بل العكس الدين يدمج القوميات المختلفة في إطار أوسع وأكثر عدالة، وهناك تيارات سياسية وثقافية ليبرالية ونيوليبرالية الإصلاحية، وشباب لم تعد هناك إمكانية للسيطرة عليهم، وتعمل الدولة السيطرة على مواردهم وأسباب الحياة لهم، ولهذا تسعى جهات عديدة لاختراق النظام من الداخل وتفجيره وربما إعادته إلى توازنه الحقيقي، فولاية الفقيه وصلت مرحلة لا يمكن استمرارها، وهناك دعوات للتخلص منها عبر فصل السيطرة الدينية على المكون السياسي، وتعزيز علاقات حسن الجوار مع الخارج والعالم وإظهار الجانب المدني والحضاري والإنساني لإيران، وهذا يعني فك الرابط المقدس بين القومية الإسلامية الإيرانية والآخر، وإنهاء معالم مد النفوذ الخارجي على أساس ديني، وهذا يعني فك الرابط المقدس مع النجف وكربلاء والشيعة في العراق وفي لبنان وحركة حماس، وعدم التدخل في الشأن الخليجي، ودمج الحرس الثوري في المؤسسة العسكرية والابتعاد عن الطابع الثوري إلى الطابع الاحترافي والمهني.
والمؤلم أن الإبادة العنصرية ليست محل اهتمام إعلامي عالمي، وأن الإعلام الإيراني يحاول أن يغطي على تلك الجرائم بالاشتباك مع الآخر وتصدير الأزمات السياسية والتدخل الأمني والاستخباراتي، وهو إعلام هدفه التغطية عما يجري داخل إيران من احتجاجات ومعارضة، وقتل وتعذيب، ويروي خالد الزرقاني القيادي في المنظمة الإسلامية السنية الأحوازية، أن المخطط الإيراني يهدف إلى تفريس الأحواز وجعل الأحوازيين يعيشون حالة من الذل والعبودية، وأن النظام الاقتصادي الإيراني الحاكم للأحواز يرعى ويخلق أصحاب النفوذ والمال من الإيرانيين على حساب الشعب الأحوازي، وجعل الأحواز أرضا إقطاعية مقسمة بين كيانات اقتصادية عقديّة عنصرية كلٌ حسب نفوذه وسلطته وولائه ويصبح أبناء الأحواز في أحسن الأحوال عاملين لدى الإقطاعيين الإيرانيين. ويضيف الزرقاني، أن هذه الأساليب ضاعفت من نقمة الأحوازيين ومن رغبتهم في الاستقلال، فإيران وكما يبدو غفلت عن جانب مهم يخص سياسات التجويع القسرية هذه وهو لم يأخذ في عين الاعتبار تاريخ الشعب، حيث ستوسع هذه السياسات لا محالة وبشكل لا يمكن تصوره، أرض المواجهة الأحوازية وإيران، وهي إن تخللتها مخاطر حقيقية بإبادة جماعية للشعب، لكنها مواجهة شاملة لا مناص منها للقضاء على مسببات الاستعباد الإيرانية وآثارها المدمرة لمستقبل وحاضر الشعب الأحوازي حتى نزع الاستقلال الشامل، ويتساءل الزرقاني: لكن السؤال المهم المطروح هو أين الأشقاء العرب من مخاطر المجاعة والإبادة المقبلة على الشعب العربي الأحوازي؟
وتكشف منظمات المجتمع المدني الأحوازية أن هناك عمليات استغلال بشعة للثروة في إمارة الأحواز العربية، وأن هذا الاستغلال لم يشمل النفط والبوتاس والفوسفات وإنما شمل اليورانيوم الذي تحاول إيران إخفاءه عن العالم، فقد طالب الأحوازيين بلجنة حقائق دولية عاجلة لكشف النشاط العسكري الإيراني وتسخير هذه الثورات بالضد من الدول العربية، وخاصة دول الخليج العربي، وعمليات تدمير البيئة البحرية في الخليج العربي وتلوث التربة والهواء والملوثات الصناعية والغبار السامة، والنفايات السامة التي جرى دفن بعضها في الصحراء العراقية.
ويكشف حسن راضي مدير مركز دراسات الأحواز عن أن المشروع الإيراني الذي طال إمارة الأحواز العربية، والجزر العربية المحتلة ومطالبتها بالكويت والبحرين واحتلالها أجزاء من الأراضي العراقية، واستغلالها النفط العراقي اليوم، وتدخلها الأمني في دول الخليج العربي وتهديدها الأمن والاستقرار العربي، فإن هذا يدعو الدول العربية للتنبه للمشروع الإيراني ومخاطره البعيدة، ويقول راضي إن الدول العربية والخليجية منها، تأخرت بالرد على التدخلات الإيرانية في شؤونهم الداخلية الرامية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في إطار مشروعها التوسعي الذي بات مكشوفا للجميع، ويضيف راضي: في وقت تبدو فيه طبيعة التركيبة السكانية والسياسية الإيرانية التي تتشكل من فسيفسات عرقية وطائفية مختلفة ومتناحرة، تجعل من إيران بيتا من زجاج، يتهشم بأول ضربة توجه له من خلال دعم الشعوب غير الفارسية، التي احتلت دولة فارس أراضيهم وصادرت حقوقهم وهي تشكل ما يقارب الـ 70 في المائة من سكان جغرافية إيران، وتناضل تلك الشعوب من أجل الوصول إلى حقها في تقرير مصيرها ومن أهم تلك الشعوب في خارطة إيران السياسية، الشعب العربي الأحوازي الذي يتمتع بموقع استراتيجي إذا ما لقي الدعم من العرب وحصل على استقلاله ستكون دول الخليج العربي في مأمن من الشر والخطر الإيراني.
وبمناسبة الذكرى الـ 86 للاحتلال الإيراني لإمارة الأحواز في 20 نيسان (أبريل) 1925، أكدت المنظمة الإسلامية السنية، أن استقلال الأحواز العربية سيدحر المشروع الفارسي الذي تسعى إيران لتنفيذه، وأن استقلال الأحواز سيؤكد عروبة الخليج، وقال المكتب السياسي للمنظمة إن إيران تعيش حالة أزمة داخلية معارضة إصلاحية وأزمة بين المرشد ورئيس الجمهورية وأزمة بين الجيش والحرس الثوري وقلاقل وانتفاضات قومية، وقال المكتب إن ثورة الأحوازيين بمقدورها نقل المعارك إلى طهران إذا توافر لها الدعم والغطاء الدولي والإقليمي، ويؤكد المكتب أن طهران جعلت من الأحواز ثكنة عسكرية ومنطقة حرب شاملة معززة بآليات عسكرية ثقيلة وبدأت في تطبيق الأحكام العسكرية، وأن ما ترتكبه إيران يرقى إلى الإبادة الجماعية.
يشار إلى أن السلوك السياسي الإيراني يتسم في الآونة الأخيرة بحالة من القلق والخوف والمزيد من استخدام القوة، وأن المخاوف في الأساس داخلية، ولهذا تلهب إيران خلافاتها الخارجية للتغطية عما تقترفه من عمليات إبادة داخلية، ويشار إلى أنه وبعد ثلاثة أيام من الثورة الأحوازية ثورة 15 نيسان (أبريل) 2011، استقال وزير الاستخبارات الإيراني حيدر مصلحي بعد سيل من التهم التي انهالت عليه من البرلمان الإيراني بعدم استطاعته محاربة الحركة الوطنية الأحوازية.
هل تنقل الاحتجاجات إلى داخل طهران؟.. سؤال طرحته على أكثر من قيادي في المنظمات الأحوازية وعلى قياديين في بلوشستان، وهل هناك توقعات بحدوث ثورة عنيفة في إيران شبيهة بالثورات العربية تعيد التوازن لسلطة المجتمع بأن تعود السلطة للأكثرية أو المشاركة المتوازنة في السلطة بدلا من الأقلية أو اختزال السلطة من قبل أقلية دينية، يقول في هذا الصدد محمد حسن فلاحية ''إن إيران تحكمها أقلية فالفقه الصفوي الذي يحكم طهران هو أقلية؛ نظرا لتعدد المشارب الفقهية الشيعية في هذا البلد بغض النظر عن وجود مشارب فقهية خارج المذهب الشيعي مثل التصوف والمذاهب السنية الأربعة وغيرها من المذاهب في إيران، وكذلك الحال هو بالنسبة للتعددية العرقية، فالفرس في إيران أقلية تحكم أكثرية شعوب (عرب كرد بلوش تركمان وأذريين وغيرهم)، فالمشروع الإقليمي المطروح من قبل النظام الإيراني ليس مشروعا متفقا عليه لا بين الشعوب غير الفارسية ولا بين أتباع المذهب الشيعي نفسه''، وهنا فإن انعدام التوازن في بنية النظام السياسي الإيراني الحالي ستجعله يستند إلى ثلاثة عوامل أسياسية، هي: الإلغاء والتهميش واستخدام القوة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، إضافة إلى قمع الرأي الآخر الذي وصل حد الصدام وتجاوز صناعة المقدسات الرمزية الإيرانية.
وترجح مصادر قريبة من المعارضة الإيرانية بأن الانتهاء من الأوضاع المأساوية في ليبيا وسورية ستؤدي إلى مضاعفة أزمات طهران، وبغداد نظرا لحالة عدم التوازن في السلطة الناجمة عن الدعم الإيراني لطائفة على حساب الطوائف الأخرى ناهيك عن السياسة التداخلية في الشؤون الخليجية التي بدأت علامة مميزة لسياسات نوري المالكي الإيرانية طبعا، وتؤكد التحليلات الغربية أن إيران تسابق الوقت في نسج علاقات إستراتيجية مع مصر، رغم أنها لا تمني نفسها بالكثير، ومع تونس لكنها تجرعت السم في ثورة البحرين التي وأدتها قوات درع الجزيرة في مهدها، وبعد أن انتشرت الانتفاضة في أعماق العلاقات الإستراتيجية لإيران في المنطقة ومخاوف إيران من حدوث تغيير سياسي نوعي في سورية؛ ما دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليوجه اتهامات بمساعدة إيرانية لسورية في قمع المتظاهرين، وتراقب طهران بفزع ما يجري في سورية وتتوقع إيران بأن انهيار المحور السوري يعني إنهاء ورقة المقاومة في لبنان وغزة، وهذا سينعكس سلبا على حضور إيران العربي، وسيسهم في مزيد من القلق الداخلي بالنسبة لها؛ لما لذلك من تداعيات، وستكون له تداعياته على الوضع في العراق، خاصة أن سورية تعد نقطة ارتكاز في حضور المشروع الإيراني في المنطقة العربية، فيما تصدر تحليلات إسرائيلية تؤكد وجود أريحية إسرائيلية بعدم عقد معاهدة سلام مع الرئيس السوري بشار الأسد؛ لأن الأحداث الأخيرة كشفت أن الأقليات لا تحمي المعاهدات، حسب قولها أمام الحشد والانتفاضة الشعبية، هذا على الرغم من أن سورية في سنوات بشار الأسد وضعت مسافة بين الدور السوري - العربي وبين العلاقة مع طهران ونفذت مشاريع إصلاحية اقتصادية متميزة، وقد تأكد هذا الموقف من تأكيد سورية بأن قوات درع الجزيرة في البحرين قوة شرعية وهو يتناقض والرؤية الإيرانية بالطبع؛ ولهذا يتكهن البعض أن تدعم إيران انقلابا داخليا على الرئيس بشار الأسد لضمان ورقة المقاومة والممانعة!!
المقاومة الأحوازية في قراءتها للموقف الإيراني ترى أن طهران تسارع الوقت وهي تنظر إلى الثورات العربية، ففي الثورتين المصرية والتونسية قالت إنهما وليدتان روح الخميني واستنساخ للتجربة الإيرانية، وفي البحرين أسقط في يدها عندما دعمت أعمالا انقلابية وكان الحرس الثوري جاهزا للتدخل في البحرين وإثارة الأمن في الكويت، لكن عندما حدثت الاحتجاجات في العراق تراجعت عن دعم الثورات وأفتت بحرمتها، وعندما حدثت الاحتجاجات في سورية بدأت إيران تتلمس أطرافها، فأعمدة التدخل الإيراني تخلع واحدة بعد الأخرى، وإن الاحتمال الكبير أن يسقط العمود الإيراني الداخلي نفسه، وأضافت أن القراءة الأولية يكشف عنها الحجم الأمني اللافت للانتباه داخل إيران والشطط الخارجي، وأكدت أن هناك اتفاقا لدى جميع أطياف المعارضة الإيرانية لشد أطراف النظام من مختلف الجهات وربما تفجيره من الداخل، والكل بانتظار ما يجري في سورية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي