إعلانات للكبار فقط
في كل أسبوع يصل إلى منزلي عدد من النشرات التي طبعت على هيئة صحف مصغرة لا تحتوي إلا على إعلانات متنوعة في مجالات متعددة كالمنتجات والعقارات والسيارات والمواد الغذائية والخدمات وكل ما قد يخطر على بالك، بل حتى الشهادات التعليمية للدرجات العلمية المختلفة يمكن أن تجدها هناك، بعض تلك الإعلانات يوضح فيه العنوان وبعضها يكتفي بأرقام الهواتف والتي كثيرا ما تكون أرقام هواتف محمولة، بعضها يجيب وبعضها لا يجيب.
كثير من تلك الإعلانات الموجودة يتعلق بمواد التجميل وما له ارتباط بالشعر والبشرة وغيرها من الأمور التي تتعلق بالجسم، وهناك إعلانات عن منتجات لها صلة بالعلاقات الزوجية وبعض الجوانب الجنسية، وكيف يمكن أن تؤثر تلك المنتجات في هذه العلاقة الخاصة! وبعضها الآخر لا يكتفي بهذا الأمر بل يتمادى كثيراً في هذه الجوانب بدون لباقة ولا احترام ولا مراعاة لأن مثل تلك المطبوعات قد تقع في أيدي أطفال ومراهقين، وقد تثير لديهم الفضول في معرفة تفاصيل مثل هذه الأمور، بل إن الصياغة التي تقدم بها تلك الإعلانات تخرج عن إطار الأدب والحشمة، فتجدها تتحدث صراحة عن أمور جنسية وكيفية تأثير المنتجات عليها، في نظري من غير اللائق أن تكون موجودة بهذا الشكل على صفحات الجرائد، فهي فضلا عن كونها قد تكون غير معتمدة من جهة رسمية تؤكد صلاحيتها والنتائج المرجوة منها، فإنها تقدم نفسها للمجتمع بأسلوب غير لائق ولا يناسب عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية.
ولم تقتصر مثل تلك الإعلانات على الصحف أو المجلات فقط، بل إن بعضها يعرض من خلال قنوات تلفزيونية وبشكل غريب، فبينما تكون مع زوجتك وأبنائك وبناتك تشاهد أحد البرامج فإذا بإعلان لمثل تلك المنتجات يظهر فجأة فلا تملك إلا تغيير القناة أو لفت الانتباه إلى شيء آخر، إذ إنك لا تستطيع أن تخوض في شرح وحوار مع أبنائك لما يعرض خصوصا إن كانت أعمارهم ومستوى تعليمهم لا يسمح بأن تخوض معهم في مثل هذا الحوار.
في اعتقادي أننا نحتاج إلى التعامل مع مثل هذه الأمور بحرص واهتمام، فمن جانب يجب على وزارة الثقافة والإعلام ألا تسمح بنشر مثل تلك الإعلانات وأن تكون لها رقابة على أسلوب عرض ومضمون ما يقدم من إعلانات في صحفنا اليومية أو الوسائل الإعلانية المختلفة لمثل تلك المنتجات، أو غيرها من الإعلانات التي تعتمد على الإثارة، مثل إعلانات معجون الأسنان أو مزيل العرق أو بعض العطور، من جانب آخر يجب على الجهات الرقابية أن تتتبع أصحاب تلك المنتجات للتأكد من أنها حقيقية ومعتمدة وليس لها أضرار جوهرية، وأنها منتجات حقيقية وليست وهمية، وأن لديها تراخيص رسمية للترويج والإعلان عن تلك المنتجات.
كما آمل أن تسعى وسائل الإعلام إلى إلغاء كل ما لا يليق عرضه ويخالف ديننا وتقاليدنا الاجتماعية، وفي أسوأ الظروف أن يوضع مقياس يتم من خلاله تقييم المواد التي تعرض على الشاشات التلفزيونية الموجودة وذلك أسوة بما هو موجود في بعض الدول الغربية، فهناك دول تراقب بعض المواد التلفزيونية فتنوه من خلال رموز معينة أن مضمون تلك المواد غير مناسب لبعض الأعمار حرصا على مشاعر الأسرة.
إن كثيرا من وسائل الإعلام تجد نفسها ضعيفة أمام الإغراء المادي الذي يقدمه المعلنون، ويجب على هؤلاء أن يعيدوا النظر في تقييمهم لتلك الإعلانات، فمصلحة المجتمع أهم من المنفعة الخاصة وحماية الجيل أولى من كسب محدود لا بركة ولا خير فيه.