الخطوط الاقتصادية في مرحلة التصفية (3)
منذ ظهور نموذج عمل الخطوط الاقتصادية في أوائل السبعينيات من قبل خطوط (ساوث وست) في الولايات المتحدة، وتلك الناقلات تلاقي الكثير من النقد سواء من شركات الخطوط الكبرى وكذلك من قبل المسافرين. فنموذج عمل شركات الخطوط الاقتصادية ذكي جدا ويتعامل باحترافية عالية مع جميع العوامل التي تصب في هدف واحد هو استقطاب أكثر عدد ممكن من المسافرين بإغراء سعر التذكرة المنخفض. فالأسعار المتدنية لسلع أو خدمات معروفة القيمة مسبقا لدى الزبائن لها مفعول السحر على تهافت الزبائن على الشراء. الغالبية العظمى من المسافرين لم تدرك بعد أن تلك الخطوط تعتمد على طرق شبه خفية في جذب الركاب من خلال أسعار ابتدائية معلنة للتذاكر، وخلال عملية الشراء يكتشف الراكب أن السعر يبدأ بالانتفاخ من خلال تركيب رسوم مختلفة لتقترب التذكرة في النهاية من أسعار الخطوط الكبرى. أظهرت دراسات السوق المتخصصة في صناعة النقل الجوي أن الكثير من زبائن الخطوط الاقتصادية يشعرون بنوع من الخداع بسبب الفرق بين السعر المعلن وما يضطر الراكب إلى دفعه لاحقا في ''أنبوب'' عملية الشراء. عامل عدم الوضوح هذا يختلف من خطوط إلى أخرى كون بعض شركات الخطوط الاقتصادية تنبهت إلى تأثير هذا العامل على (ولاء) الزبون. نحن في العالم العربي لنا ثقافة تختلف عن ثقافة الدول الكبرى ولذلك نرى الشركات العالمية تأخذ بعامل الثقافة عند دخولها الأسواق العربية، بينما تنسخ شركاتنا نماذج خاصة بأسواق ذات ثقافة مختلفة. القائمون على الخطوط الاقتصادية في العالم العربي طبقوا منهجية الخطوط الاقتصادية بحذافيرها دون النظر إلى عامل الشفافية والوضوح في الأسعار، حيث إن ثقافة الغالبية من المسافرين لا تدرك أن بعض الخدمات، كالعفش مثلا، تنعكس على زيادة في التكلفة التشغيلية للشركة الناقلة، وأن الصورة الحقيقية هي إعطاء المسافر الذي لا يحمل عفشا حسومات بدلا من الصورة المعاكسة وهي إجبار المسافر لدفع رسوم إضافية عن العفش المحمول داخل الطائرة. هذا فقط مثال لما تستطيع به تلك الناقلات تغيير نموذج العمل المستورد وتطويره لكسب المزيد من العملاء. عامل الشفافية مع المسافر سيكون له تأثير الصراع الحالي بين الناقلات الاقتصادية وستشهد الأيام القادمة تأثير ذلك.