جمعية حقوق الإنسان وقضايا الاستقدام
لم يعد الصراع على كعكة الاستقدام يجري في الخفاء كما كان سابقاً، بل انتقل إلى العلن، بعد أن تحول من طلب المساواة والمعاملة بالمثل إلى الاعتراض على منح تأشيرات لشركات أخرى، والغريب أن ينتقل الصراع على كعكة الاستقدام إلى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث تظلمت لدى الجمعية مكاتب استقدام أهلية بعد أن منحت وزارة العمل خمسة آلاف تأشيرة لشركة تأجير عمالة.
ولا أدري ما علاقة الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بهذه القضية طالما أن وزارة العمل لم تنتهك حق عامل أو مواطن، إلا أن لجوء مكاتب الاستقدام للجمعية فتح باباً مغفولا عنه من قبل كثير من المواطنين ممن يعانون سوء تعامل بعض مكاتب الاستقدام معهم، ولديهم قضايا طال الأمد عليها ولم تحل.
وعودة إلى القضية المعروضة أمام الجمعية فقد بررت وزارة العمل موقفها أمام الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ـ حسبما جاء في صحيفة "الوطن" يوم السبت الماضي ـ بتوقيعها سابقاً على اتفاقية إصدار تأشيرات تخص عدداً من المشاريع الكبرى، وأكد وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية أحمد الحمدان أن منح هذه التأشيرات جاء بعد لقاء الوزارة مع جهات عدة لافتا في خطاب تلقته الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن عمل الشركة محصورٌ في مشاريع محددة.
وإذا كنا بانتظار ما سيصدر عن الجمعية حيال هذه القضية، إلا أن هذا الأمر مؤشر على أن ملف الاستقدام تحول إلى مجال صراع بين مختلف الأطراف، كل يريد أن ينهل من معينه الذي لا ينضب، بل ويحتكر هذا المنهل، أما التبعات الناتجة عما يحصل من تجاوزات في التعاطي مع هذا الملف، فيتحملها المجتمع، والجهات المعنية بمعالجة مشاكل الاستقدام، وفي مقدمتها وزارة الداخلية التي تستنزف جزءا كبيراً من طاقاتها متابعةُ قضايا العمالة، سواء من قدم منهم عن طريق الاستقدام، أو عبر بوابة الاستثمار الواسعة، أو متسللا عبر الحدود.
قبول الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هذه الشكوى ومعالجتها سابقة، يمكن التأسيس عليها لرفع شكاوى مماثلة من قبل المواطنين ضد عمليات الإغراق بالعمالة الأجنبية، وضد ما يتعرضون له من انتهاكات لحقوقهم، وإذا ما فتح هذا المجال، فستحتاج الجمعية إلى عشرات المكاتب لاستقبال هذه القضايا التي معظمها مرفوعة لدى مكاتب وزارة العمل - محل الشكوى - لمعالجتها.