شبابنا في يوم الوطن
الظواهر السلبية التي شاهدناها وعايشناها مساء الجمعة الماضي في الشوارع ليس لها صلة بالتعبير السوي عن حب الوطن في اليوم الوطني. ليس المقصود هنا مصادرة حق التعبير والفرح بمثل هذا اليوم الذي نخصصه للاحتفاء بوطننا وإنجازاته وتاريخه وعطائه، فهذا حق للوطن الذي نعيش على أرضه وتحت سمائه، وواجب على المواطن بما يعكس إيجابية الانتماء والولاء للوطن، لكنه اعتراض على تحويل الاحتفال بيومنا الوطني إلى ظواهر سلبية عبثية فوضوية كما مارسها بعض من شبابنا في الشوارع والميادين، ما استدعى استنفارا أمنيا ومروريا لضبط الانفعالات والصخب باسم الاحتفال بيوم الوطن.
لقد شعرت بالحزن وخيبة الأمل عندما اعترضني رجل أمن وقد سد منفذا للحي الذي أسكنه، وسمح لي بالمرور بعد أن أعلمته بأني ذاهب إلى منزلي، عندما سألته عن سبب هذا التصرف قائلا: لمنع هؤلاء الشباب المتهور من إزعاج السكان، الذين كانوا قد حولوا الميدان القريب إلى ساحة فوضوية بصخبهم وعبثهم، وسدوا الطرق وتوقفوا وسط الشوارع وعطلوا حركة السير باسم الفرح بيوم الوطن. وسألت نفسي: هل نحن بذلك فعلا نحتفل بيومنا الوطني أم نعبث به؟ وهل هذا هو الأسلوب الأمثل للتعبير عنه؟
أعتقد أن مفهوم الاحتفال والاحتفاء بمثل هذه المناسبات يجب أن يعاد فيه النظر، ويجب أن ينظم ويقنن بحيث يكون أكثر انضباطا وتنظيما، حتى لا تستغل من قبل بعض الشباب على أنه مناسبة للانفلات من ربقة الانضباط السلوكي وغير السلوكي، فالتعبير عن الفرح لا يمكن أن يكون مقبولا بهذه الطريقة العبثية والانفلات السلوكي، ولا أن يترك الاحتفاء بمثل هذه المناسبة بهذه الطريقة العشوائية والمزعجة التي فرضت على أجهزة المرور والأمن استنفار كل جهودها ورجالها للسيطرة على انفعالات الشباب وتصرفاتهم السلبية مستغلين فيها هذه المناسبة الوطنية، فالاحتفال باليوم الوطني مسؤولية جماعية وليس انفعالا شخصيا وفرديا ينتج مثل تلك التصرفات المستهجنة.
في مثل هذه المناسبة كان يجب أن تنظم احتفالات تشارك فيها الأندية الأدبية والرياضية في مقارها من خلال برامج احتفالية يعبر من خلالها الاحتفاء بيوم الوطن ضمن أطر منظمة، وتقوم باحتواء الشباب بدلا من تركهم يندفعون في الشوارع بذلك المظهر الفوضوي والعبثي وهم يتسببون في الإزعاج للناس في الأماكن العامة، فيوم الوطن أجلّ من أن يحول إلى ممارسات منفلتة وفوضوية وعبثية بادعاء الاحتفال والفرح بهذا اليوم، والظواهر التي شاهدناها لا علاقة لها بحب الوطن، بل إن البعض ظن أنه يستطيع أن يمارس ما لا يمكنه في الأيام العادية باسم الاحتفال باليوم الوطني، ويقدمون صورة سلبية لشبابنا.
نقدر ولا شك انفعالات الشباب ونتفهم بعض اندفاعهم وخطأ تصرفاتهم للتعبير عن مشاعرهم، لكن علينا كمجتمع ومؤسسات واجب تربيتهم على الانضباط والالتزام بحدود السلوك المقبول، فتركهم بلا توجيه وضبط سيقود إلى تربيتهم على الفوضى، والنظر إليهم بما لا يليق بهم باعتبارهم عنصرا سلبيا لا إيجابيا، أو أن يكونوا محل تندر .. ونربأ بشبابنا أن يكونوا محل تندر!