أينشتاين واختبار القبول
انقضى عام دراسي بفرحه أو بحزنه , وها نحن نبدأ المشوار لعام دراسي جديد بآماله وطموحه ومنا من يملوه الشوق ويحدو به الأمل لبداية علم جديد ومناهج جديدة. ومنهم من سوف يعاود الكرة ليثبت للجميع أن السنة الماضية هي مجرد محاولة وليست فشل, وكله عزم على تجاوز الصعاب وأن يكون النجاح هو رفيق دربه في هذه السنة الدراسية الجديدة.
البعض منا يصفهم بغير أسمائهم فيقولون عنهم فشلوا دراسيا والأجدر أن يقال عنهم" المجتهدون ". إن من المجتهدين من بذل وتعب وسهر ولكنه لم يتخطى بعض المواد أو حتى كل المواد الدراسية وهذه ليست مشكلة بحد ذاتها, بل المشكلة تكمن في تصورنا ورؤيتنا لهم ,فنحن نرى الجانب المظلم من القمر فذلك ترى بعض فئات المجتمع ينعتهم بالفشل !
وأما القسم الأخر من المجتمع فقد اعتاد أن يمجد الطلاب المتفوقين دراسيا وينسى في خضم ذلك الطلاب الذين لم يتفوقوا أو الذين لم يتجاوز مرحلة دراسية معينة , ولا يعني ذلك أن نقلل من شأن المتفوقين دراسيا بل لابد أن يكرموا فهو حق لهم. ولكن يجب أن لا ننسى في خضم ذلك البقية الباقية من الطلاب فهم أيضا في اشد الحاجة لتشجيع والدعم حتى يتداركوا ما فات و يكملوا المسيرة فإن منهم من سيكون مهندسا أو طبيبا أو أديبا.
ولابد أن ننظر لما وراء الأكمة لمعرفة الأسباب التي تؤثر سلبا على نتائج الطلاب الدراسية, فمنها إجبار الطالب على تخصص معين لا يمت لروحه بصله أو ضغوط الاجتماعية التي يمارسها الأهل والأقارب أو الضغوط النفسية بسبب المقارنة السلبية بالآخرين. وربما يكون السبب منهجية التدريس لبعض المواد التي تنفر الطالب أو لبعض الظروف المادية أو المعيشية وغيرها من الأسباب الكثير.
ومع كل هذه الأسباب دعونا لا نفقد الأمل , فربما وراء هذه النتائج السلبية جانب ايجابي يكون محفز ودافع للإبداع والله سبحانه وتعالى يقول"وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" ولكم في ابو جعفر الطحاوي عبرة فقد قال عنه خاله الشيخ أبو إبراهيم المزني" أنت لا تصلح لشيء " فارتحل عنه الطحاوي إلى مدرسة أخرى (شيخ أخر) وطلب العلم حتى صار علامة ومحدث الديار المصرية , فكان الطحاوي رحمه الله إذا جلس يحدث الناس يقول " رحم الله المزني لو رآني في مجلسي هذا لكفر عن يمينه !".
ولكم في الذي يعده البعض قد تربع على عرش العلماء الفيزيقيين (علماء الطبيعة) عظة , فإن ألبرت اينشتاين قد رسب في اختبار القبول في المدرسة العليا بزيورخ!
وأما زمننا المعاصر فلكم في قصة الدكتور عبدا لرحمن السميط درس في الحياة , فهو مؤسس "جمعية العون المباشر" وقد اختار عندما كان شابا الجامعة الأصعب في زمنه ولكنه رسب في جميع المواد الدراسية في السنة الجامعية الأولى ! فهل أثنى ذلك من عزمه؟ كلا ,لقد قبل التحدي بكل إصرار وعزيمة وتخرج من الجامعة , والاهم من ذلك انه نجح في الجامعة الكبرى وهي جامعة الحياة فقد اسلم على يده من خلال الجمعية التي أسسها أكثر من ستة مليون شخص في أفريقيا ! بعد أن قضى 29 سنة ينشر الإسلام في القارة إفريقيا , وحائز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1996.
فليتنا نرسب ثم نقف ونكرر المحاولة مرة بعد أخرى حتى يخرج لنا أمثال عبدالرحمن السميط أو الطحاوي أو لويس باستور أو أغاثا كريستي أو مايكل فارادي وغيرهم كثير في قافلة العلماء والأدباء الذين قيل عنهم يوما أنهم فشلوا دراسيا ثم هم اثبتوا للعالم وللتاريخ أنهم هم الناجحون وأن الآخرين هم الذين فشلوا في اكتشاف قدراتهم !.
وأخيرا , حاول بكل استطاعتك أن تنجح وتتفوق دراسيا فإن لم يكن لك نصيب فلا تحزن فهناك جامعة أكبر وأهم إنها جامعة الحياة. وأعلم أن هذه الجامعة التي نعيشها هي الأصعب والأطول, فعمرك كله ينقضي في اختبار تلو الأخر فشمر عن ساعديك واقتحم المجال الذي تعشق, وسوف تنجح وتبدع والله معك ولن يخذلك أبداً, واعلم أن كل ميسر لما خلق له.