كيف أُصبحُ مُديراً تنفيذياً ناجحاً (2)

ناقشتُ في المقال السابق أهميّة التعليم وجودتِه أما في هذا المقال فسوف أستعرضُ أحد أهم العوامل التي تساعدُ الشاب على وصولهِ لِمراتبَ عليا ووصولهِ إلى وظائفَ قيادية تنفيذية في شركتهِ التي يعملُ فيها أو عند انتقالهِ الى شركةٍ أخرى.
إن قرارَ اختيار وتغيير الوظيفة و مكان العمل يجب أن يكونَ استجابةً لسؤالٍ مهم وكبير وهو ''ماذا أريدُ أن أُصبحَ في المستقبل؟ '' وبعد ذلك يجب تقسيم هذا السؤال إلى فتراتٍ زمنيةٍ كل خمس سنوات ليصبحَ ''ماذا أريدُ ان أصبحَ في الخمس سنوات القادمة ''. تحديد هدف لكلِّ خمس سنوات أو ثلاث سنوات قادمة يساعدُ على تحديد الخطة التدريبية ويصقل الميول العملية ويسهمُ في الحصول على الشهادات المهنية وبالتالي يقود الشاب لِتسنُّمَ مناصبَ قيادية وتنفيذية. أعجبني أحد الشباب الذي كان يشغل وظيفة إخصائي موارد بشرية في إحدى الشركات عندما سألته هذا السؤال قال أريد أن أصبح مديراً للتوظيف في إحدى الشركات الكبرى. وقد حقق ذلك الطموح لأنه ببساطة التحق بدورات تدريبية في مجال التوظيف وانتقل لقسم التوظيف في عمله قبل أن يرسل أوراقه ويتقدم على وظيفة مدير توظيف في إحدى الشركات الكبرى في جدة. وخلال سنتين فقط من وضعه لهذا الهدف هاتفني ليخبرني أنه حصل على الوظيفة. حينها سألته وماذا عن الخمس سنوات القادمة؟ ضحك وقال ''طبعاً أريدُ أن أُصبحَ مديراً للموارد البشرية'' وهو يسعى و يعمل على تحقيق هذا الهدف وأعتقد أنه ليس بعيداً عن بلوغه. إن وضع أهداف وظيفية واضحة وصريحة وقابلة للتحقق وموافقة للميول(من الأهمية بمكان كتابتها) من أهم العوامل الموصلة بنجاح الى الإدارة التنفيذية العليا.
أنزعجُ كثيراً عندما أرى الشاب يسلّم هذا القرار (قرار اختيار الوظيفة) للآخرين. أوعندما يتأثر كثيرا بآراء من حوله، أقاربِه وأصدقاؤه ومعارفِه ويتأثر بما يشيرون به عليه في مستقبله وفي اختياراته الوظيفية حتى لو كانت آراؤهم ضدّ رغباته الحقيقية. أذكر أنني عرضتُ وظيفةً قيادية على شاب وهو في الأربعينيات من عمره حينها قال ''سأشاور أبي وإخواني''!!.. حينها استغربت و أخبرته أن تصرفَه ليس بالضرورة سليماً لأن والدَه وإخوانَه وإن كانوا من أحرص الناس عليه وعلى مصلحته فلن يستطيعوا أن يدركوا وأن يتلمسوا حقيقة طموحه وحقيقة ما يحب وما يستمتع أن يعمله في حياته، خصوصا أنهم بعيدون كل البعد عن مجال عمله وعن تخصصه. أعتقد أنه كان يجب أن يسأل نفسه: هل هذه الوظيفة تحقق هدفي أم لا؟
لن أنسى أبداً ذلك القرار الذي اتخذته رغم معارضة جميع من حولي وكان من أهم القرارات الناجحة في حياتي العملية. كان القرار هو قبولي وظيفة أخرى في جهة عمل أخرى بمرتب شهري أقل وساعات عمل أطول والعمل في قطاع خاص بدلا من قطاع عام ولكن أعجبتني طبيعة العمل في الوظيفة ورأيت أنها سوف تقودني إلى منصبٍ عالٍ في الشركة وهذا ما تمَّ بالفعل فقد أوصلتني هذه الوظيفة لأن أكون أحد تنفيذيي الشركة الكبار وكانت من أروع الوظائف التي عملتُ فيها قبل أن أتفرغ لعملي الخاص . حقاً الناس لا يدركون مكنونات طموحاتك الداخلية فليس بالضرورة ''ما خاب من استشار''. ولكن يبقى أن تأخذ رأي أهل الخبرة في المجال نفسه للاستنارة فقط مهم وضروري لتفادي الاستعجال في اتخاذ القرار.
وللحديث بقية، ودمتم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي