الهيئة تدق جرس إنذار
في تقرير لافت ومهم صدر من مركز الدراسات والبحوث التابع لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أخيرًا، رصد لتنامي حالات الابتزاز الذي تتعرض له المرأة في بلادنا، فمن الحالات التي باشرتها مكاتب الهيئة خلال العام الماضي، كانت حالات الابتزاز تمثل 32 في المائة منها، وهذه نسبة مرتفعة مع الأخذ في الحسبان أن هذه النسبة لا تمثل الواقع، حيث إن هناك عددا ممن يتعرضن للابتزاز والتحرش لا يبلغن لأسباب أسرية واجتماعية.
الأمر الآخر اللافت أيضًا الذي لا يقل أهمية بل يمثل خطورة على مجتمعنا فيما تضمنه هذا التقرير، أن نسبة الأجانب المقيمين في بلدنا ممن يمارسون فعل الابتزاز القبيح، زادت خلال العام الماضي 10 في المائة على العام السابق، وفي هذا مؤشر خطير على سلبية وجود هؤلاء الأجانب وترك باب سوق العمل مشرعًا لهم خصوصا في الأعمال ذات الصلة بالمرأة التي تستغل لهذا الغرض، حيث إن معظم حالات الابتزاز التي مارسها الأجانب جاءت من خلال مؤسسات التوظيف الوهمية كما وصفها التقرير، والتي استخدمت لابتزاز المرأة باستغلال حاجتها للعمل.
إزاء ذلك نحن إذن أمام قضية مزدوجة، ارتفاع نسبة ابتزاز المرأة بصفة عامة من ناحية، وازدياد نسبة المقيمين الأجانب المرتكبين لهذا الجرم في حق المرأة والمجتمع في مؤشر له دلالاته السلبية والخطيرة من ناحية أخرى، وعلى خلفية ذلك لا بد أن يسأل عن السبب لما تتعرض له المرأة من ابتزاز وأيضا تحرش بل وتزايده، مما يسبب لها الكثير من الأذى خاصة النفسي.
أتصور أن للقضية عدة جوانب، الأول أن ما طرأ على حياتنا الاجتماعية خلال السنوات الماضية من تغير واضح أتاح للمرأة المشاركة المباشرة في العديد من المجالات وخروجها لنطاقات أوسع، أدى إلى أن ينفرد بها الرجل ويمارس ضدها الابتزاز والتحرش، ويعرضها لنزوات وغرائز غير سوية لعدم وجود ما يحميها، وهذا سبب رئيس لما تتعرض له، وهو ما يدعونا بالفعل لعمل مراجعة وافية وموضوعية لنتائج هذه التغيرات التي تسبب بعضها في تعرض مجتمعنا لظواهر كانت محدودة في السابق، حين كانت المرأة مصونة، وهذا لا يعني العودة للوراء، بقدر ما يعني أن يكون لأي تغيير ضوابط متسقة مع قيمنا الدينية والاجتماعية وأولها، مما له علاقة بالمرأة، التمسك بالحجاب الشرعي الذي فيه صون لها وتأكيد على هويتها.
الجانب الآخر أنه أصبح مطلوبا الآن وبوجود هذا الكم الكبير من الأجانب ومعظمهم من ثقافات وأديان مختلفة، وضع قوانين صارمة ومحددة تحدد ضوابط بقاء هؤلاء الأجانب في بلادنا بما يتفق مع قيمنا عموما، ويفرض ذلك ما كشفه التقرير من تجاوز بعضهم على حرماتنا بالابتزاز والتحرش، فهذه العينة منهم لم تحترم إتاحة الفرصة لها للعمل والكسب في بلادنا، وتجاوزوا كل حدود العيش في مجتمع هم غرباء فيه مما يستلزم التأدب معه ومع قيمه وأخلاقه، ولهذا لا بد من معالجة سريعة وفاعلة خصوصا تجاه هؤلاء الأجانب الذين لم يحترموا قيمنا وتعدوا عليها مستغلين ثغرات جعلتهم يشعرون بالأمن من العقوبة، والأهم من ذلك كله أن تتسلح المرأة بالوعي بعدم تعريض نفسها لهذه الذئاب البشرية، وأن تحمي نفسها بالتمسك بالمظهر الشرعي الذي فيه صون ووقاية لها.
بقي القول إن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دقت الجرس وعلينا جميعًا التنبه والمعالجة حتى لا يعاني مجتمعنا الأمراض الأخلاقية المتسبب فيها التراخي والتساهل باسم التطور، كما أشيد فعلا بهذه المنهجية العلمية للهيئة من خلال مركزها.