أن تحتفي بالعيد
داخل كل إنسان نقاط مضيئة وأخرى معتمة. يلخص النظرة إلى هذه النقاط الشاعر زهير بن أبي سلمى بقوله:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
وإن خالها تخفى على الناس تعلم
هذه السجايا تظهر في ظروف وأوقات معينة.
الحلم والسماحة والكرم والنبل والصدق والشهامة والوفاء.. إلخ. هي صفات مضيئة يقابلها صفات أخرى معتمة، ليس هنا محل الحديث عنها.
المهم هنا، ونحن نعيش بهجة العيد، أن نستحضر دوما هذه السجايا المضيئة، ليس للتجمل المظهري والتباهي بها، بل لنجعلها عنوانا في تعاملاتنا مع من حولنا.
إن الضوء الحقيقي، الذي يشع من الإنسان، يظهر جماله عندما يخلو من التصنع.
قد تجد الوقت لمجاملة ترتبط بمصلحة ما، لكن الأولوية حتما لا بد أن تكون للأسرة والأقارب.
قرب الإنسان من محيطه الأسري والاجتماعي، ليس مكلفا. رأيت أناسا يتجملون أمام الناس، وتحيطهم هالات ضوء لا تنطفئ، لكنهم يعيشون حالة غربة في محيطهم الأقرب. لديهم قابلية لمجاملة كل الناس، لكنهم يتأففون عندما يتعلق المرء بمجاملة قريب في مناسبة مفرحة أو حزينة.
الأعياد تمثل واحدة من المحطات التي يمكن للمرء أن يعيد فيها معالجة هذا الخلل.
سقوط المرء في أزمة ما، يجعل كل الدوائر تذوي. وحدها المؤسسة الأسرية تبقى الملاذ.
هي سنة من سنن الحياة، يغفل عنها المرء. العيد بكل رحابته، هو المناسبة الأجمل. لا تحتاج لأي مبرر كي تقول لقريب قطعته منذ زمن: كل عام وأنت بخير.
الناس في العيد لديهم قابلية أكثر للتسامح والفرح، ولديهم قابلية أكبر للغفران، خاصة أولئك الذين تتسامى نفوسهم عن المادي الزائل.