تجارة العيون «بزنس» (2 من 2)

استكمالاً للحديث السابق عن تجارة العيون، فالمستشفيات الحكومية في بلادنا على ما فيها من بعض الملاحظات إلا أنها أفضل من غيرها، وأن الكثير من الأطباء والاختصاصين السعوديون في العيون أو في مستشفى الملك خالد ـــ رحمه الله ـــ يضاهون الأجانب ويتجاوزونهم في المهنية، وأن هذه القامات العظيمة من الأطباء السعوديون في زمن (البزنس) والتجارة يحاولون جهدهم الإبقاء على مهنية الطبيب ومعنى الطب الإنساني، وليس المادي من أن يلوث ويصبح عملية تجارية، ويحاولون إرساء قواعد احترام الإنسان ومهنة الطب، واحترام المواعيد والإجراءات والشفافية مع المرضى.
أحد الأصدقاء زار مستشفى (تجاري) هنا في السعودية وعندما وجد الطبيب يقدم له عروضا وخصومات ويجادله في التسعيرة والامتيازات، ترك الطبيب ومضى مذعوراً ليبحث عن طبيب آخر طبيب إنسان لا طبيب تاجر، ويتوقع هذا الصديق إن استمرت الحال في تجارة الطب ستنعكس الحال سلبا على هذا القطاع خلال السنوات المقبلة، خاصة إذا لم تشهد المستشفيات الحكومية مزيدا من الرعاية والعناية والمهنية، والسبب هو الإخلال بمواثيق الشرف الطبية والأخلاقية.
العاملون بالقطاعات الصحية من أبناء الوطن لهم جهود وحماس واضح للارتقاء بالقطاع الصحي في بلادنا، وجامعاتنا تخرج سنويا الكثير من حملة الشهادات الطبية، ولكن للأسف الشديد لا يجد بعضهم أماكن في مستشفياتنا الحكومية أو الأهلية، لوجود الكثير من الأجانب والمتعاقدين الذين أصبحوا ينافسون ابن الوطن على وظيفته، وصرنا نسمع عن تزوير بعض الأجانب للشهادات الطبية لأنهم باعوا ضمائرهم بالمال من أجل العمل في بلادنا وأخذ أماكن أبناء الوطن، فالحل الأمثل للمشكلة هو التشديد على الأنظمة واللوائح والقوانين الطبية في حال الموافقة على توظيف الأجانب.
المستشفيات الأهلية في بلادنا وإن كانت دقيقة في مواعيدها وتعاملاتها، ودقيقة في تشخيصها، إلا أنها أصيبت بالعدوى وأصبحت تجارية وفندقية واستعراضية ودعائية هي الأخرى وأصبحت تستقطب الأطباء الأجانب بسبب تكاليفهم القليلة واستغلالهم في كسب المزيد من الأرباح، التي تدر على مستشفياتهم الكثير من المال على حساب المريض، وقليل منهم من يحافظ على سمعته أمام هجمة الدعاية التي حققت صدمة اجتماعية كبيرة.
عندما أدرك المواطن أن هناك فروقات إنسانية في التعامل بين أن يصبح الطب سلعة وتجارة يباع فيها ويشترى، ويصبح الطبيب مسوقا لها، ورجل دعاية ومشروع ابتزاز من شركات الأدوية، فإنه يطالب وزارة الصحة بضرورة تعزيز مواثيق العمل المهني والشرف الطبي للعاملين في هذا القطاع الحيوي، وبأمل أن يجد هذا القطاع الرعاية والاهتمام من المشرفين على الصحة في بلادنا، وأن يعاد النظر في شهادات البعض واختصاصاتهم، بعد رحلة من تزوير الشهادات والخبرات الطبية التي وقع فيها هذا القطاع، وأن يتم إحلال الكوادر السعودية بعد تأهيلها بديلا عن العمالة الوافدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي