«حافز» ما له وما عليه

''حافز'' التفاتة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لأبناء وبنات الوطن ممن صعب عليهم الحصول على وظيفة في أن تكون لهم معونة شهرية تساعدهم على متطلبات الحياة لفترة موقتة حتى يجدوا وظيفة مناسبة، وهي مكرمة - ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة - من أبي السعوديين جميعاً، تظهر بعض ما في قلبه من محبة، وما في جعبته من فضل، وما في نفسه من عطاء جزيل نبيل.
''حافز'' من المنظور الاجتماعي لكثير من الأسر سبب من أسباب الفرحة الغامرة، التي تتعدى مجرد قيمتها المالية - 2000 ريال شهرياً – لأنها تعرف أنها تحتل جزءا كبيرا من اهتمام وتفكير خادم الحرمين الشريفين، لكن الشيء المهم والسؤال المطروح: كيف سننتفع من هذه المعونة؟ ليس بالنسبة لمن يقول: ''2000 ريال بلاش روح قدم ''!!''، وإنما على حشود الطوابير التي تزدحم على البنوك طالبة فتح حساب برنامج حافز من أبناء وبنات هذا الوطن الذين سهل على البعض منهم فتحه، وصعب على آخرين!
إن طوابير البنوك سلطت الضوء على مدى الحاجة الكبيرة لدى أبناء هذا الوطن للعمل، وبنظرة إلى الرقم المتقدم لهذا الحساب، وهو 700 ألف مستفيد، يوقفنا على مدى الحاجة للعمل من جهة، وأن نحو 70 في المائة من المتقدمين هم من النساء، وهذا يعني أن هناك طاقات نسائية مهدورة يمكن الاستفادة منها بشكل كبير من جهة أخرى.
إن اعتياد أبناء وبنات الوطن على أخذ مبلغ من دون جهد هو أمر سيئ جداً، وسيقودهم إلى الاتكالية التي لا تنهض بالوطن، ومن المهم أن نعرف أنه ليس مسؤولية الحكومة أن تقوم بتوظيف جميع أبناء الوطن، ففي بعض الدول المتقدمة يعمل الخريج مجاناً من دون مقابل لفترة من 3 – 6 أشهر حتى يحصل على خبرة ويتم تقدير راتبه بناء على إنجازه، أما اليوم فنحن نعيش في مجتمع يعتمد التساؤل القائل: كم تدفع حتى من دون أن يسأل نفسه ما الذي سيضيفه؟
تمنيت لو دفع هذا البرنامج بالقطاع الخاص والشاب إلى العمل مدة سنة على حسب مدة الإعانة، ويأخذ المواطن 2000 ريال مقابل جهد ولا يحصل عليه بالمجان، إذ لو تم تطبيق هذه الطريقة فسيستفيد القطاع الخاص برفع نسبة التوطين من دون تحمل تكلفة مالية، وفترة سنة فترة كافية لاختبار أي شخص، ويكون هناك ملف للموظف يقيمه من قبل الشركة التي يعمل فيها أسوة بالسجل الائتماني للموظف، حيث يمكن الشركات من الدخول عليه لمعرفة مستوى كفاءته، وفي هذه الحال يصبح حريصاً على الالتزام بأخلاقيات العمل وكذلك تعطي الشركة تقييما دقيقا عن الموظف، وخلال سنة تكون قد وظفت 30 في المائة من هذا العدد على أقل تقدير.
أما من المنظور الاقتصادي، فستدفع الحكومة ما يقارب 16.8 مليار ريال سعودي في السنة مقابل ''2000 ريال بلاش'' نعم هناك دورات حسبما عرفت مع حافز، ولكن الشريحة التي دخلت حافز تبحث عن عمل وليس عن تعليم، ولو صرفنا هذا المبلغ على إنشاء مصانع سيكون لدينا رأسمال متجدد وليس مستنزفاً.
أمر آخر في هذا الباب، هو أن حجم هذه السيولة التي ستضخ في السوق من قبل أفراد سيرفع القدرة الشرائية لدى هذه الشريحة من دون الإحساس بقيمة 2000 ريال، وسيسهم هذا الأمر في ارتفاع أسعار بعض المنتجات بسبب كثرة الطلب، بسبب عدم معرفة القيمة الحقيقية 2000 ريال، أي أنه بعد 5 - 7 سنوات ستكون قيمة أو القدرة الشرائية لمبلغ 2000 ريال توازي القدرة الشرائية لمبلغ 1000 – 1500 ريال اليوم، وسيكون الحد الأدنى لصرف لشخص عاطل 2000 ريال وموظف دون خبرة أو شهادة 3000 ريال وبهذا سنرفع من سقف التوقعات، لو رفعنا معها سقف المعيشة في البلد بشكل صحيح ومدروس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي