المواطن والتضخم

في الأعوام الماضية قامت الدولة بمواجهة التضخم وغلاء الأسعار بعدة إجراءات، منها منح علاوات غلاء معيشة لموظفي القطاع الحكومي، وتقديم إعانات اجتماعية للمحتاجين، ودعم بعض أسعار السلع الأساسية، لكن ما زال الاقتصاد يشهد تضخما غير مسبوق استنادا إلى التقارير الصحافية وما تعلنه هيئة الإحصاءات العامة، وما يلمسه المواطن العادي من ارتفاع في جميع أسعار المواد الغذائية وبعض السلع الأساسية والأراضي السكنية، مما أدى إلى الضغط على المواطن وبات التضخم والغلاء حديث المجالس.
نحن على مشارف عام 2012، ومع ذلك فالمعنيون بالقيام بواجباتهم تجاه حماية المواطن من التضخم، اقتصر أمرهم على إصدار التصريحات فقط، دون السعي إلى معالجة المشكلة وحلها، والحد من تفاقمها، فمن باب أولى بهم بذل أقصى الجهود للسعي إلى السيطرة على مشكلة التضخم، وإيجاد الحلول المناسبة والسبيلة لها، واتخاذ جميع الإجراءات المالية والاقتصادية التي تساعد على تنويع الموارد المالية، وتحقيق الاستقرار والتوازن المالي والاقتصادي.
مشكلتنا أصبحت في الإدارات التنفيذية التي استوطنت هذه الإدارات وعششت فيها، وبنت أركانها وفقا لمصالحها الشخصية، لتضمن لها البقاء والسيطرة والاستمرارية، فأمام هذا الحال!.. كيف سنحد من التضخم ونكبح من جماحه؟ وكيف يمكن تجاوز هذه الحالة؟! فلابد لنا من السعي إلى تأمين مستقبلنا ومستقبل أبنائنا بالتعاون فيما بيننا والتغلب على البطالة، وإدراك أهمية العدل واستشعار الأمانة التي أوكل بها المسؤول من قبل ولي الأمر.
التخطيط السليم واتخاذ القرار الرشيد هو الحل الأمثل للحد من التضخم وفي المقابل الضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه التلاعب بممتلكات الوطن والمواطن، حيث إن المسؤولية تقع على جميع الجهات المسؤولة للحد من التضخم، بمتابعة الأسعار ووضع نظام صارم للإشراف والمراقبة، والتركيز على الشفافية والوضوح، لأنه مهما وصل أي اقتصاد إلى أعلى درجات التنظيم تبقى الشفافية عاملا أساسيا ومؤثرا فيه.
كما يفترض من الجهات المعنية القيام بواجباتهم بسن المزيد من التشريعات والقوانين المنظمة التي تنهي مشكلة التضخم، لا بل تطبيقها وتفعيلها بدلاً من جعلها على الرفوف، وإيجاد الحلول المناسبة للسيطرة على التضخم المستورد، والسعي إلى إزالة العوائق ومسبباته بوضع الخطط والبرامج الاستراتيجية والاقتصادية من خلال بناء استراتيجية مالية محكمة للسنوات العشر المقبلة، تساعد المواطن على تأمين كل احتياجاته الأساسية من مأكل وملبس ومسكن.
كما أن عرض المعلومات والبيانات الصحيحة والصادقة بمشاركة جميع الجهات الحكومية، وخبراء المال والاقتصاد والإعلام، والقطاع الخاص يساعد المسؤول في وضع السياسات المناسبة لقطاعه في إطار الاستراتيجية العليا، لذا فالأمر يحتاج إلى قرار عاجل من صناع القرار برؤية شاملة، لإسناد معالجة مشكلة التضخم إلى إدارة اقتصادية ومالية متخصصة ومحترفة للسيطرة عليه وكبح جماحه، والحد من تأثيراته الاجتماعية على الخصوص، وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على أي مصلحة كانت وذلك استجابة لنداء خادم الحرمين الشريفين ــــ حفظه الله ـــ الذي طالب فيه الجميع بالاهتمام بالمواطن ومحاسبة المسؤول!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي