ميزانية المملكة في عام 2012 .. توقعات وآمال

يمر اقتصاد مملكتنا - المملكة العربية السعودية - بمراحل ازدهار لافتة في زمان اقتصادي صعب، خيَّمت آثار ركوده في كثير من اقتصادات العالم لتتركها بين خامد، وزاحف، ولاهث! وبدا ذلك جلياً في ميزانية عام 2011 التي سجلت في عهد خادم الحرمين الملك عبد الله ارتفاعاً بمقدار 7 في المائة تقريباً عما سجلته في عام 2010، لتصل إلى 580 مليار ريال، أي نحو 154.67 مليار دولار؛ مستفيدة من ارتفاع أسعار البترول، ومعدلات تغير متوسط أسعاره، حيث كانت نسبة التغير في أسعار البترول بين عامي 2009 و2010 نحو 32 في المائة، وحسب آخر الأرقام المتوافرة اليوم فإن معدل التغير في متوسط أسعار البترول بين عامي 2010 و2011 بلغ نحو 22 في المائة.
وبناء على ذلك، قد تشهد ميزانية المملكة لعام 2012 أرقاماً قياسية جديدة؛ مستفيدة في ذلك من ارتفاع أسعار البترول بما يقارب 5 - 7 في المائة على ميزانية عام 2011، ففي ميزانية عام 2011 أنفق نحو 45 في المائة منها على قطاعات التعليم والتدريب والصحة، حيث كانت ميزانية التعليم ما يقارب 150 مليار ريال، ونتوقع أن يستمر هذا الدعم لقطاع التعليم، خصوصاً أن المملكة بلاد غنية بالشباب، ويشكلون فيها من إجمالي التعداد السكاني بين 65 و70 في المائة، وفي الوقت نفسه، يشكلون عامل ضغط بارتفاع معدلات البطالة، حيث يحتاج التعليم كي يتماشى مع متطلبات سوق العمل بعض المهارات المهمة، ولا سيما اللغة الإنجليزية، لكن السؤال هو: متى سُتدرَّس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية؟ ومتى ستكون مقررات المعاهد والكليات التقنية باللغة الإنجليزية كي تتماشى الطموحات مع الأهداف في تحقيق مقتضيات الميزانية؟
ولم تغفل ميزانية المملكة لعام 2011 قطاعات الصحة، ودورها في خدمة المواطنين، حيث خصصت ميزانية لقطاع الصحة وصلت إلى 68.7 مليار ريال، ونتوقع أن يكون هناك نمو في هذه الميزانية بالتركيز على زيادة عدد المشافي في جميع مناطق المملكة، ورفع السعة الاستيعابية للمشافي التخصصية لتستوعب طاقات مضافة كبيرة.
ونتوقع في ميزانية 2012 أن يكون هناك حل لمشكلة الإسكان في المملكة، ومع تزايد الطلب على الإسكان - ولا سيما في ظل وجود شريحة شبابية تقترب من 70 في المائة - يدعمها في ذلك تغير بعض عادات المجتمع - مثل قضية السكن بعد الزواج في بيت الأهل - ازداد الطلب على الإسكان، ونتوقع كثرة في المشاريع الخاصة به، فالمشكلة طالت الجميع، وأثقلت كاهل المواطن، كيف لا والإيجارات تلتهم 35 من دخله الوظيفي إن لم يكن أكثر!
أما البنية التحتية والمياه والطاقة، فلكي تمضي مسيرة التنمية قدما لا بد أن يكون هناك تركيز عليها، حيث حظي هذا القطاع في ميزانية 2011 بنسبة زيادة لامست 10 في المائة عن ميزانية 2010، ونتوقع للعام الجديد أن لا تقل نسبة الزيادة عما كانت عليه في عام 2011، وذلك للحاجة في رفع معدلات التنمية وخاصة قطاع الطاقة - توليد الكهرباء - وقطاع المياه وتحديداً تحلية المياه بشكل ينسجم مع الاستراتيجية الوطنية للصناعة، ويوفر مزيدا من الطاقة لتشغيل المشاريع القادمة العملاقة أمثال شركة صدارة، ونتوقع أن تكون هناك مشاركة من القطاع الخاص في هذا الجانب بشكل أكبر عما كانت عليه في السنوات السابقة بسبب أن البيئة الاستثمارية في هذا القطاع مشجعة بشكل مغرٍ، والعوائد المالية أفضل بكثير من الاستثمار في منطقة اليورو أو الولايات المتحدة، وقد نشهد تأسيس شراكات وشركات، أو دخول شركات جديدة في هذا المجال إلى السوق السعودية.
قطاع النقل والاتصالات لن يقل عما سوف تحظى به بقية القطاعات من الميزانية الجديدة، حيث إن أكبر مشروع قادم في قطاع النقل هو شبكة السكة الحديد على مستوى المملكة التي ستربط جميع مدنها من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، وترتبط بالقطار الخليجي أو شبكة السكة الحديد التي تربط جميع دول مجلس التعاون.
وستكون هناك قفزة في قطاع المقاولات، لكننا نرجو أن نشهد شراكات بين القطاعين العام والخاص حتى لا يتعرقل عمل القطاع بأمور على غرار ارتفاع أسعار الأسمنت والحديد الذي يدخل في عمليات البناء والتشييد نتيجة الطلب المتزايد على هذه المواد، إذ نرى أن القطاع الخاص مؤهل لعلاج هذا الإشكال الذي يقلل التكلفة على القطاع العام وبجودة عالية، وحتى ننجح في ذلك نحتاج إلى شفافية عالية، ومن المهم أن نتيح للجامعات دراسة الأخطاء والتأشير على مواطن الخلل في المشاريع الحكومية لتتم معالجتها في الأعوام المقبلة.
وكي نقترب خطوة أخرى من تحقيق مقومات التنمية الشاملة، أتمنى أن يشهد القطاع ولادة شركات شبه حكومية تقوم بالمشاريع العملاقة، وتكون مدرجة في سوق الأسهم السعودية حتى يستفيد الجميع من ميزانية الخير والعطاء في بلد الخير والعطاء، وبقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز - إن شاء الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي