المسافة بين الخطوط والخصخصة
بعد قرارات مجلس الوزراء الموقر التي فصلت قطاع الطيران المدني عن وزارة الدفاع، حيث جعلت الهيئة العامة للطيران المدني ترتبط إداريا برئاسة مجلس الوزراء، جاء قرار مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة الأسبوع الماضي ليمنح المؤسسة العامة للخطوط السعودية مكانة إدارية مماثلة ترتبط من خلالها تنظيميا برئاسة مجلس الوزراء أسوة بهيئة الطيران المدني والعديد من هيئات ومؤسسات الدولة. يحمل قرار مجلس الوزراء قراءات مختلفة من منظور المستقبل الحتمي للخطوط السعودية المتمثل في إخراجها من مظلة الحكومة إلى مظلة القطاع الخاص عطفا على واقع صناعة النقل الجوي في العالم أجمع، التي ستحتفل بتحررها التام قريبا. القراءة الأولى أن الدولة تريد ترقية منظومة الخطوط السعودية درجة للأعلى كي تكون قريبة من الإدارات المعنية في مجلس الوزراء ومن ثم تسريع إعادة هيكلتها التي تعثرت سنوات طويلة أثناء عملها تحت مظلتها السابقة. الفقرة التي وردت في قرار مجلس الوزراء والتي أشارت إلى حق مجلس الوزراء في نقل مقرها إلى مكان آخر داخل المملكة تؤيد هذه القراءة. القراءة الثانية، وهي الأبعد، تدور حول إن كانت الدولة ممثلة في مجلس الوزراء الموقر والمجلس الاقتصادي الأعلى ترى أن الخطوط السعودية تحتاج إلى مسافة زمنية أطول مما أظهرته الدراسات الاستشارية السابقة لإتمام أعمال الهيكلة والوصول بالناقل الجوي إلى كيان تجاري قادر على الوقوف وحده وتحقيق الأرباح دون دعم. يدعم هذه القراءة واقع الخطوط السعودية اليوم حيث لا تنشر قوائمها المالية كباقي الناقلات العالمية واستمرار معاناتها من ترهل القوى البشرية وضعف الإنتاجية، ما يزيد من الهدر المالي. هيكلة الخطوط السعودية لن تتوقف على نشر القوائم المالية وتقليص الطاقة البشرية، بل عليها توفير إجابات شفافة وسريعة لجميع بنود التكاليف خاصة التشغيلية منها. فالقطاع الخاص أو الفرد المالك لأسهمها له حق مقارنة تكاليف صيانة الطائرات مثلا بمثيلاتها من الشركات الأخرى وهي منشورة في الأدبيات المفتوحة لصناعة النقل الجوي العالمي. الخطوط السعودية ستواجه في السنوات الثلاث المقبلة منافسة شرسة على سوق السفر الخاص بها، خاصة الدولي، في ظل توسع الناقلات الجوية الخليجية والسماح لمشتقاتها بتغذيتها من مطاراتنا الدولية والإقليمية المتحولة، وذلك يستدعي تسريع الإصلاحات وإعادة الهيكلة.