الشوارع زحمة

لا يحتاج إلى دليل أن كبريات مدن المملكة تعاني ازدحاماً شديداً في شوارعها، حتى إنه قلّ أن تلحق بموعد ما دون أن تتأخر، وسبب ذلك التأخير في المواصلات. هذا العذر مقبول لمن تعتذر منه عن هذا التأخير وأسبابه لتفهمهم هذه المشكلة.
السبب في هذا الازدحام المتزايد مآلُه إلى عدد من الأسباب منها ما يتعلق بالتخطيط المدني، ومنها ما هو مرتبط بنمط الحياة الذي نعيشه كل يوم، فالتخطيط مثلاً للشوارع والتقاطعات وغيرها ما يزيد من كفاءة انسيابية الطريق هي مثلما عهدناها، دون تغيير جوهري، على الرغم من انتشارا أطراف المدن وزيادة كثافة سكانها، بل ربما في بعض الأحيان أسوأ مما كان.
وأما أنماط الحياة التي نزاولها فهي تتمحور حول الملكية الفردية في كل شيء. فالأسرة تمتلك سيارات بعدد أفرادها تقريباً والتنقل الجماعي أو شبه الجماعي يكاد لا يُذكر لانعدام مقوماته.. وأنك لتعجب كثيراً، فقط كمثال على ذلك أن المواصلات بجماعية كانت وما زالت مشكلة اقتصادية واجتماعية لم يُعمل على حلها بشكل صحيح وجدي، كما لو أنها صنع قنبلة نووية!!
لن أدخل في مواضيع أسباب ذلك لكونها معروفة، ما رغبت إبرازه هنا الكم الكبير من الهدر الاقتصادي بسبب الازدحام في النقل. فالوقت يهدر والبنية الأساسية تستهلك بسرعة والاستيراد من المركبات يزداد واستهلاكنا من الوقود المخفض يزداد والأرواح تحصد بفعل الحوادث الأليمة، وما إلى ذلك من المشاكل التي سببها الأول والأخير الازدحام وعدم وضع حلول عملية ناجعة تتناسب وبيئة وأنماط حياة المجتمع السعودي.
إنني أرى أن النقل والمواصلات وما يتعلق بها لم تتطور بالشكل الذي يتناسب والتطور المدني والاقتصادي في المملكة، والأهم من ذلك أنك لا تلمح بوادر حلول جدية.
ما نراه دوماً لا يتعدّى الاجتهادات والمبادرات الفردية والتي تبدأ وتنتهي مع صاحبها ومقدار حماسه، والذي غالباً يصطدم بالعقبات المختلفة لينتهي باليأس من حل هذه المشكلة.
لقد آن الأوان لنلتفت لهذه المشكلة بوضع خطة استراتيجية تُبنى على أسُس مهنية واحترافية، والعمل على تنفيذها عبر سنين قادمة، وليس فقط الاعتماد على مبادرات وزارة معينة أو بلدية محدّدة يجتهد المبادرون فيها بكل وطنية مشكورين، لكنها في نهاية المطاف لن تكون الحل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي