العلاج عن بُعد .. هل يحل بعض مشكلاتنا الصحية؟
يُعلم أن التشخيص الصحيح للعلل والأمراض هو من أهم الأولويات في العلاج والشفاء ـــ بإذن الله ـــ ولذا فالرأي الطبي يكوِّن جزءاً كبيراً من الناحية المالية في تكاليف التداوي والطبابة وزيادتها حين يكون القائمون على العلاج أطباء مؤهلين بكل مهنية يستحقون أجورهم التي يتقاضونها لكفاءتهم وجودة أعمالهم. ولعلنا نأخذ في هذه الأسطر اليوم جزءاً من الخدمات الصحية إجمالاً لنلقي الضوء على ما يقدمه القطاع الخاص لوضوح تكاليف العلاج وملاءمة أسعارها من عدمها. إنني أعترف أن القطاع الخاص حتى وإن كانت خدمات صحية يجب أن تهدف إلى الربحية، لكنه أيضاً يجب ألا يكون على حساب النوعية مهما كلف الأمر لارتباط ذلك بحياة الإنسان أولاً ومقدراته المالية ثانياً. فالخدمة الصحية شأنها شأن أي خدمة يجب أن تكون مستحقة للسعر الذي تقدم فيه. ولعل التنافس المحموم في هذا القطاع من مستشفيات متخصّصة أو عامة أو عيادات أو مستوصفات وما شابهها أفرز نوعاً من الرداءة في الخدمة المقدمة من بعضها (وليس كلها). هذا إلى جانب الأضرار الصحية اللاحقة والتي تصل في بعض الأحيان إلى مشكلات صحية كبيرة جداً تهدّد حياة صاحبها بسبب تشخيص غير جيد أو ربما غير مهني.
إن أهم الأسباب وراء نجاح أي مشروع صحي هو الكادر الطبي الذي يعمل فيه، ولذا فالتميُّز ليس في الآلات أو المباني الفاخرة أو غيرها من الخدمات، بل هو الطبيب الماهر الكفء. وهذا ما بدئ الأخذ به في بعض الدول المتقدمة من إمكانية جذب هؤلاء المتميزين دون زيادة نوعية في التكاليف وذلك باستغلال التواصل الإلكتروني، فالمريض لا يحتاج إلى أن يقابل ذلك الطبيب جسديّا، بل يقابل كادراً طبياً أقل تأهيلاً يقومون بإجراء الفحوص الأولية منها وغيرها مما يطلبه ذلك الطبيب لاحقاً في أي بلد في العالم. وليس هذا فقط، بل إن المريض يختار من بين قائمة طويلة ممن يأنس لكفاءته نحو تشخيص علته.
وهذا النموذج الإلكتروني "العلاج عن بُعد" في تواصل المريض مع الطبيب هو استغلال أمثل لتطبيقات الاتصال بين طالب الخدمة ومقدمها حتى إن المبالغة في هذا الشأن تصل إلى حدود استخدام جهاز الجوال للتواصل مباشرة بين المريض والطبيب. ولا شك أن تطبيقات التواصل الإلكتروني مستخدمة في بعض الجوانب الطبية جزئياً في بعض المراكز الصحية، لكن ما نقصده هنا هو اختيار المريض لأكفأ الأطباء في العالم، وبالتالي إمكانية التشخيص السليم دون الحاجة للذهاب إليه والتي ستكلف المريض الكثير من المال فيما لو اختار مقابلته شخصياً بخلاف الانتظار لأخذ موعد.
إنني أتمنى أن نرى مثل هذه المشاريع وتفعيلها، خصوصاً من جانب المستشفيات الخاصة المعروفة بمهنيتها والناضجة في بنيتها الأساسية، فلعلها تخفف من وطأة تصحيح الأوضاع في القطاع الصحي من الناحيتين المالية منها والصحية وللانعتاق من دائرة حقول التجارب التي تمارس في بعضها.
أستاذ العلوم المالية المشارك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن