أسرار خطوط «إير آسيا» (3 من 3)
تحتاج الشركات العصرية ذات نموذج العمل المتشعب كشركات الخطوط الجوية إلى مديرين تنفيذيين لديهم صفات قيادية و(حس تجاري) بالدرجة الأولى. من أسرار نجاح خطوط (إير آسيا) مديرها الذكي والمغامر توني فرناندز الماليزي من أصول هندية. فبعد حصوله على بكالوريوس في الإدارة والتمويل من جامعة بريطانية عريقة، التحق بالعمل في القسم المالي لمجموعة (فيرجن) الضخمة التي يملكها السير ريتشارد برانسون، التي من شركاتها خطوط فيرجن الجوية المنافسة للخطوط البريطانية على الرحلات الجوية بين أوروبا وقارة أمريكا الشمالية. العمل مع السير ريتشارد برانسون ومجموعته العملاقة مدرسة في حد ذاته لأنه يؤسس لعلم (التجارة) بمعناها التقليدي قبل (تحورها) إلى علم الأعمال بمعناه الحديث. وهنا يكمن السر في العلاقة بين فنون وأساليب تجارة التجزئة الناجحة لكل المنتجات الاستهلاكية وبين النجاح في بيع أغلبية المقاعد المتاحة على طائرات (إير آسيا) كمنتجات استهلاكية متنوعة لمستهلكين لديهم سلوكيات شراء مختلفة. تفوقت (إير آسيا) في نسبة الموارد الكلية إلى حجم الرحلات الجوية بسبب استراتيجية مرنة ومتقنة التنفيذ في مجال التسويق وإدارة البيع، فالإعلانات والعروض والأخبار يجدها الزبون في كل وسائل الإعلام التقليدي منها والحديث، وضمن سياسة مستدامة غير منقطعة. غالبية الخطوط الجوية في منطقتنا (باستثناء طيران الإمارات) و(الخطوط القطرية) لديها قصور كبير في التسويق والمبيعات بسبب عدم اعتماد ميزانيات مستدامة. ''الخطوط السعودية'' على سبيل المثال ورغم الدعم الكبير في بند وقود الطائرات الذي يشكل 40 في المائة من التكلفة التشغيلية، لم تستثمر في التسويق بما يتناسب مع سوقها الكبيرة ومواردها الحالية من أسطول حديث، ويعكس ذلك ضعف شبكتها الدولية التي تستطيع مضاعفتها، ما يعني مزيدا من الموارد المالية التي هي في أمس الحاجة إليها. أغلبية الخطوط الجوية في العالم العربي لم تحقق الربحية لأسباب متعددة، منها عدم وجود قيادات تنفيذية ذات صبغة تجارية. أن تصل إلى شركة متقنة الإدارة وفاعلة لا يعني بالضرورة زيادة في المبيعات والعوائد. أتمنى من ناقلنا الوطني وجميع الخطوط الجوية في عالمنا العربي عمل برامج ثنائية مع الشركات الناجحة مثل (إير آسيا) للاستفادة ونقل الأساليب التجارية الحديثة.