المعطلون للأمل
الأمل والنظرة للحياة بتفاؤل وتحويل هذا الأمل إلى عمل هو المقياس الحقيقي للإنسان الناجح، وكما يقال: أن تضيء شمعة خيراً من أن تلعن الظلام.
هذه الخاطرة حول الأمل والعمل أتعايش معها كل يوم من أيام حياتي لأن الإنسان دون حلم وأمل والعمل من أجل تحقيقهما يصبح عبئا على نفسه وأسرته ومجتمعه وربما العالم أجمع، وفئة كبيرة من الناس لأسباب عديدة وفي مختلف دول العالم يصابون بالإحباط ويعطلون كل فرص الأمل من أجل حياة كريمة لهم ولأسرهم.
إن هناك فئة مؤثرة بيننا وفي كل المجتمعات تعمل بشكل جاد ومستمر حول تعطيل أي فرصة أمل للإنسان للخروج من شظف العيش والانتقال إلى الحياة الكريمة، ويجعلون خلف كل عمل ذي أمل آلاف العقبات والمصاعب حتى لا يتحقق لمثل هؤلاء المساكين الذين يرغبون في الخروج من ضيق الحياة وتخلفها إلى حياة أفضل.
إن قاتلي الأمل في نفوس الناس والمحبطين لهم ينطلقون من مصالح خاصة هدفها الأول تمكينهم من بث سمومهم داخل المجتمع، وعلى رأس تلك السموم المخدرات، لأنهم يعلمون أن الإنسان متى ما خرج من حياة الضيق إلى حياة الأمل ومن حياة الفقر إلى حياة الغنى ومن حياة الجهل إلى حياة التعلم فإن أول خطوة يخطوها هي الانتقال من حياة الإحباط إلى حياة التفاؤل والأمل والعمل الجاد الطموح.
إن المطلع المتأني والقارئ الحصيف للتاريخ، وخصوصاً قيام وسقوط الأمم وتاريخ الشعوب والحركات الإصلاحية، يجد أن الفيصل فيها جميعاً هو قدرة الشعوب على الانتقال بحياتها من حياة الإحباط والمرض والفقر إلى حياة الأمل والتفاؤل والعمل الجاد، ولعل تجارب الكثير من الشعوب التي تعرضت للاستعمار والاستعباد في القرون الوسطى وما عاشته من حرمان وفقر وتخلف لم يمنعها ذلك من التغيير والانتقال لحياة التفاؤل والأمل والعمل.
إن الحرب الخفية بين المصلحين الصادقين الراغبين في خدمة مجتمعاتهم والانتقال بها من حياة الفقر والمرض والجهل إلى حياة الأمل والتفاؤل والعمل الجاد، وما يقابلها من مواقف شرسة من أصحاب المصالح والمفاسد الخاصة، وعلى رأسهم مروجو ومهربو المخدرات وحاضنو بيوت الدعارة ومن هم على شاكلتهم من الإرهابيين والمفسدين وناشري المفاسد في المجتمعات، العاملين على تعطيل وقتل الأمل في نفوس مجتمعاتهم، تؤكد على أهمية العمل الجاد والمحاربة الصلبة والمستمرة والقوية لهم للانتقال بالإنسان من شرورهم وبراثن مفاسدهم إلى الحياة الكريمة التي يحرص المصلحون على تحقيقها لمجتمعاتهم بما يضمن ويحقق التنمية الشاملة والمتوازنة والعادلة لكل إنسان يعيش في وطنه وعلى أرضه.
إن الوقوف الجاد والصادق والقوي ضد كل من يحاول الإصرار على تعطيل وقتل الأمل في نفوس الناس وإغراقهم بكل المفاسد هو واجب ديني ووطني ورسالة حملها الأنبياء والرسل منذ أنزل الله آدم إلى الأرض وجعلها عملا وواجبا مستمرا ودائما من أجل تحقيق الاتصال والتواصل مع وبين مختلف شعوب الأرض.
إن الحياة الكريمة هي مطلب مختلف المصلحين والشعوب والعمل من أجل تحقيقها أمر ليس بالهين، ولهذا يعاني كل مصلح من أجل إيصال رسالته الإصلاحية الداعية للتفاؤل والأمل، لأن هذه الرسالة تقابلها مئات الرسائل المشككة في صدق هذه الرسالة الإنسانية العظيمة، وللأسف إن رسائل التشكيك تجد صدى وقبولا واسعا في أوساط المجتمعات لأسباب أشهد الله أنني إلى هذه اللحظة أجهلها، مع أننا جميعاً نرى خير التغيير الإيجابي في المجتمعات التي انتقلت من ضيق الحياة وسوئها إلى حياة الاستقرار والعطاء والعمل الجاد، ومع ذلك لا تحقق مثل هذه النماذج الحية الأثر الإيجابي في المجتمعات الأخرى، ولهذا فإن مسؤوليتنا جميعا العمل من أجل زرع روح التفاؤل والأمل في نفوس الناس ونقل هذا التفاؤل والأمل إلى العمل الجاد المخلص لأنه - كما نقول دائما الأمل بلا عمل لا قيمة له.
ولهذا دعونا نعمل جميعاً من أجل دعم ودفع الأمل في نفوس الجميع ونقف ضد كل من يحاول اغتيال الأمل العظيم في نفوسنا، ونتذكر جميعاً أننا مهما بكينا على اللبن المسكوب فلن ينفعنا البكاء، ولكن متى ما دعمنا كل جهد وعمل خلاق، حققنا الأمل في الإصلاح والتطوير، وألا نحتقر أي جهد مهما صغر تحت مظلة ''ولا تحقرن صغيراً فإن الجبال من الحصى'' ولا يحقرن من المعروف شيئاً.
وفق الله الجهود التي تعمل من أجل تحقيق الأمل لحياة أفضل لإنسان هذا الوطن الغالي.
وقفة تأمل :
وكل يرى طرق الشجاعة والندى
ولكن طبع النفس للنفس قائد
فإن قليل الحب بالعقل صالح
وإن كثير الحب بالجهل فاسد