الشطرنج للأغبياء
حين تظن أن اتقانك لمهارةٍ ما؛ يعتبر قمة الذكاء، فأنت مخطئ. لا بد أن تربط بين العقل والذكاء والقيم. تميزك في أمر ما لا يعد تميزا حقيقيا وكاملا ؛إن لم يكن له دور في بناء شخصيتك، وأيضا يكون له أثر على الآخرين.
لا بد أن تكون رقما مميزا وذا تأثير ونفع لنفسك وللآخرين ولمجتمعك. وإلا فسيكون جهدك هدرا لطاقتك ووقتك ومالك، بل أنني أعتقد بأنك إن ظننت أنك ذكي وتمارس شيئا لا يقدر عليه الآخرون ؛ أعتقد أن اعتقادك وظنك هذا لا يمت للذكاء بصلة، وعملك أو مهارتك ربما تكون حذقا أو مهارة مكتسبة أو ذكاءا مشوها أو مقيدا!!
جاء أحد الرجال إلى أحد الخلفاء وطلب منه أن يسمح له بأن يريه إبداعه ومهارته في أمر لا يستطيعه الآخرون. فقال الخليفة : هات ما عندك. فأخرج الرجل مجموعة من الإبر من كيس كان يحمله،وأخذ أحدها وغرسها في الجدار؛ ثم تراجع خطوات ورمى الإبرة الثانية فاستقرت في ثقب الأولى! ثم رمى الإبرة الثالثة فاستقرت في ثقب الإبرة الثانية، وهكذا... إلى أن أتم مئة إبرة.
دهش جميع الحضور من هذا الرجل، ولكن الخليفة أمر له بمئة دينار وبمئة سوط !!
فتعجب الرجل وقال : يا مولاي كيف تكافئني ثم تعاقبني؟!! فقال الخليفة : أكافئك على مهارتك، وأعاقبك لأنك وجهتها إلي شئ ليس فيه نفع لك ولا لغيرك... لست ضد من يمارس هواياته ويفعل ما يريد، حتى لو لم يكن من ورائها سوى الترفيه والمتعة. لأن ذلك بحد ذاته هدف رائع؛ ولكن المسألة؛ مسألة نسبة وتناسب ، فمن غير المعقول على سبيل المثال أن يهدر شخص عشر سنوات من عمره لإجادة موهبة ليس بها فائدة، فقط لأن بها غرابة ويبحث من خلالها عن لفت الأنظار.
تحقيق الذات أمر رائع وإيجابي وعظيم، ولكن لا بد أن يكون من خلال شيء تضيفه لنفسك وللآخرين ولمجتمعك وهذا من أساسيات (عمارة الأرض). تذكر أن الأصل في الهوايات تحقيق المتعة والتوازن والراحة؛ من أجل أهداف أسمى. ولا تنسى إطلاقا بأنك ستسأل عن الوقت يوم القيامة.
أيها الأخوة والأخوات الكرام ؛ كونوا أذكياء واجعلوا كل يوم يمر بكم يحسب لكم لا عليكم.
ولا تهمكم أطول سفرة في العالم فهذه لم يقمها إلا الأغبياء، ولا تأبهوا لمعرفة أقوى ديك أو أجمل ناقة أو صاحب أطول شارب في العالم أو عدد فساتين وأحذية رئيسة الفلبين السابقة أو سعر سيجار كاسترو.