عرب غوت تالنت .. إلى أين يصل بنا المطاف ؟!
كلنا بلا استثناء سواء كنا كبارا أو صغارا يتمنى ويحلم, منا من يكون حلمه عالي بعلو الثرية, والبعض الأخر حلمه لا يتجاوز أرنبة انفه ! . كل الأحلام تبقى حبيس العقل والخيال, ولن تهبط إلى ارض الواقع ما لم يكن هناك مدرج عزيمة تهبط عليه, لتصبح حقيقة.
إن أحلام اليقظة تأخذ منا ثواني أو دقائق معدودة, ولكن هناك أناس آخرون يخططون لأحلامهم و يعشونها لساعات وأيام وربما سنين. لقد أجريت عدة دراسات طويلة المدى على طلاب من جامعة هارفارد 1970 , وجامعة يل 1952 وقد تتبعوا هذه الشريحة من الطلاب بعد التخرج لعدة سنوات. وقد خلصت كلتا الدراستين إلى نفس النتيجة تقريبا, وهى أن ثلاثة في المائة من هؤلاء الطلاب هم فقط الذين وضعوا خططا لأنفسهم, وهم الذين حققوا النتائج التي مقدارها يساوي مجموع ما حققه بقية الطلبة أجمعين. إن الحلم بالتخطيط والإصرار مما كن أن يحقق, ولكن الأهم ما هو حلمك وما هو هدفك وهنا يكمن بيت القصيد.
لقد أدهشني ذلك الحماس من فئة من الناس على متابعة برنامج عرب غوت تالنت , وهو أمر قد اعتدنا عليه ربما في السنوات الأخيرة. ففي كل سنة يُطل علينا برنامج أو مسلسل يتخطف الناس , ويشاهده ربما الملايين في عالمنا العربي ثم يخفت بريقه, ثم ما نلبث قليلا حتى يظهر برنامج أخر جديد وهكذا دوليك.
والذي أدهشني أكثر هي همة وإصرار بعض المتسابقين الذين تقدموا للبرنامج. فقد اصطفوا بالآلاف ولساعات طويلة تحت الشمس والمطر والريح , من اجل تلك الأحلام التي يحملونها , و هم في شوق وترقب لتحقيقها, وهذا في حد ذاته شيء ايجابي ورائع . وربما قضى البعض منهم أياما وشهورا في التدريب الشاق من اجل أن يعانق حلمه.
لكن المحزن والمؤسف أن معظم هذه الأحلام هي شخصية وصغيرة و بالكاد ترى , و هي غالبا لا يتعدى نفعها للآخرين أو للمجتمع, فهي تفتقد إلى الرؤية العامة المفيدة .
تأملوا لو وظّفت هذه الطاقات البشرية الشابة والجيّاشة في برنامج أكثر نفعا للمجتمع , مثل البرامج المعرفية والإنتاجية و التي تهتم بالأفكار أو بالاختراعات والابتكارات العامة البسيطة , والتي لا تحتاج إلى شهادات أكاديمية أو نظريات علمية معقدة , بل هي لعامة الناس حتى نكتشف الموهوبين الحقيقيين !. وكم نتمنى أن تتبنى بعض القنوات العربية المشهورة مثل هذه البرامج بدلا من برامج القيل والقال , وكثرة الاتصال وضياع المال.
وربما هم قلة من الناس الذين لديهم أحلام نافعة للمجتمع ولكن أثرهم عليه كبير , فإن لدينا دراسة صحيحة لا يعتريها الخطأ, وهي أكثر دقة من الدراسات الحديثة والقديمة, إنها قوله عليه الصلاة والسلام " الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ".
فكم سيكون حلمنا نافع ودافئ إذا حلمنا أن نكون من هؤلاء الواحد في المائة.