بلد .. ليس للمطلقات

الطلاق حل لمشكلة ما تسبب بها الزوج أو الزوجة أو كلاهما، أو غيرهما أو أن الظروف لم تساعدهما على الاستمرار في حياتهما الزوجية. وبالتالي يلجأ الزوجان إلى الانفصال بتراضٍ وباقتناع ولو جزئي. وبعد ذلك تستمر الحياة لكليهما كما خططا لأنفسهما حين قررا الانفصال.

ولكن ؛ ما سبق هل يتحقق على أرض الواقع ؟!

هل تحدث مثل هذه الخطوات الراقية الحضارية عند الرغبة في الانفصال من أحد الطرفين؟ هل تطبق الآية الكريمة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) ؟

بالطبع لا . وحتى لا أعمم فإنني أقول بأنه وبنسبة كبيرة لا تطبق هذه التصرفات. إذن .. ما الذي يحدث؟ يخرج الرجل- غالبا- أقل ضررا من التجربة، وأحيانا يخرج متشحا أمام الآخرين بوشاح النصر !! بينما تطرق مطرقة الطلاق بقوة على رؤوس النساء. فتوصم المرأة بلقب (مطلقة) حيث يعتبر هذا اللقب أقرب للشتيمة منه إلى الوصف!! وهذه أول خطوة من خطوات المرأة في طريقها للجحيم الدنيوي. فنجد أن حياتها تنقلب رأسا على عقب بعد الطلاق، فلا توجد جهة رسمية مختصة بشئون المطلقات، والمحاكم لدينا حبالها طويلة؛حيث تطول مسألة البت في مطالبة المرأة بالنفقة أو بحضانة أبنائها.

اسمحوا لي لن أتحدث عن هذا الأمر!! أريد أن أتحدث عن حياتها الخاصة المستقبلية، والتي من حقها أن تحياها بلا وصاية وبحرية وبإنصاف وبسعادة.

أتحدث عن ظلم أقرب الناس لها سواء كانت تعيش في بيت مستقل أو في بيت أبيها أو أخيها. هذا الظلم بسبب نظرة قاصرة مليئة بالشك والارتياب والخجل مما وقع لها!! وحتى يسلموا من استفسارات وتهكم الناس يبدؤوا بالتضييق على ابنتهم. ووضعها في قفص الاتهام بحجة العيب تارة ، وبحجة المحافظة عليها تارة أخرى. يعاملونها معاملة المتمردة!!
فتسكب آخر قطرة من قطرات كرامتها، ثم بالتدريج تذبح مشاعريا من الوريد للوريد عن طريق الهمز واللمز، إلى أن يصل الأمر بوأد حريتها وإنسانيتها عن طريق إجبارها على الزواج من أول متقدم!!

أنا أعلم بأنه بعد الطلاق؛ قد يتزوج الزوج، وقد تتزوج الزوجة. ولكن شتان مابين الزواجين، فهو سيتزوج بملء إرادته واختياره .بينما هي ستتزوج مكرهة في الغالب.
ودعونا نمسح زجاج واقعنا لنرى الصورة بوضوح، من هو الزوج الذي سيختاره الأهل ويعوضها عن الآلام والحرمان والظلم؟

إنه غالبا سيكون إما كبيرا في السن أو معددا، أو أقل منها منزلة علميا واجتماعيا.إن وافقت تكون كمن باعت نفسها بخسارة، وأن رفضت تصبح قصتها على كل الألسن تلوكها صباح مساء، وتصبح رهينة أفكار بالية.

أعرف مطلقات تزوجن للخروج من رحم العسرات ، ولمحاولة استرجاع حريتهن المسلوبة بسبب التضييق المفروض عليهن؛ فلا مراجعة للدوائر الحكومية أو المدارس أو المستشفيات، ولا حقوق تمنح بسهولة. كل شئ صعب في حياتهن طالما بقين مطلقات!!
آلاف المطلقات اذا تزوجن هن من يذهبن ويراجعن ويتسوقن و... ولكن الريموت بيد الرجل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي