الصور الجميلة

ما نراه من توجه إلى الله في هذه الأيام؛صور رائعة تشي بحب الناس لفعل الخير.
الكل مقبل على الله والكل يحاول الاستزادة من الأعمال الخيرة، الجميع مشغولون بالصلاة والصيام وقراءة القرآن وإعطاء الصدقات، بل الجميع متسامحون وهادئون ومحبون للخير، وينشدون الغفران من الله ومن الناس، الكل يردد(حللوني وسامحوني) الجميع تغشاهم السكينة، ويميلون للعطاء والحب والخير والجمال.

الأب يحاول تلبية متطلبات زوجته وأبناءه والابتسامة تملأ وجهه. الجميع يقوم بعمله بحب وحماس، الجميع يتعامل برقي وذوق وحسن نية مع الآخرين. صور عديدة رائعة؛كم أتمنى أن تستمر. كم أتمنى أن يتوقف الزمن على هذه الصور! تخيلت نفسي ومعي ريموت كنترول لأبقي هذه الصور ثابتة لا تغادر حياتنا!! كي نستمتع بجمال عطاء الناس،ونستمتع بصفاتهم الرائعة. استمعت إلى حديث الكثير من الناس كبارا وصغارا نساءا ورجالا وهم يتحدثون عن صور جميلة كانت لحياتهم السابقة،ثم اندثرت دون أن يعون لماذا؟!

كنت أسألهم لِمَ لم يحتفظوا بهذه الصور الجميلة؟ وكانت إجاباتهم متباينة وأحيانا متناقضة. ولكن معظمهم رمى باللائمة على الآخرين(والدين- زوج أو زوجة- أبناء- أقارب- مدارس- إعلام- الزمن...) سبحت في عالم الخيال وبدأت صور جميلة تخطر على الذهن .. أطفال مؤدبون نظيفون ، يلتزمون بآداب وأنظمة المنزل؛ إذا كبروا تغيرت هذه الصورة!! موظف يقوم بعمله كما يجب وبكل حب وتعاون مع مرؤوسيه ورؤسائه ومع المراجعين، ولسبب أو لآخر يتغير وتتغير هذه الصورة!!

أب وأم اهتما بتربية ابنهما الأول والثاني وغرسا فيهما كل الخصال الجميلة والسلوكيات الرائعة، ثم فقدا الحماس فتشوهت الصورة القديمة!! وأصبحت سلوكيات الأبناء الآخرين الذين ولدوا بعد هؤلاء سيئة جدا،أصبحت الصورة باهتة،ممسوخة فلا تربية جيدة لهم ولا اهتمام بدراستهم ولا بسلوكياتهم!! بل تشوهت صورة الوالدين المثالية؛فلم يعودا والدين بمعنى الكلمة!

مجتمع كان يتميز بالبساطة والحب وتواصل أبناءه مع بعضهم البعض وخوف الجميع على الجميع، وفرح الجميع لفرح الجميع، وحزن الجميع لحزن الجميع.مشاركة كاملة في كل تفاصيل الحياة،وتعاون يُضرب به المثل،وتدريجيا بدأ بعض أفراد المجتمع برشق الكثير من الألوان على الصورة الجميلة،فتشوهت وأصبحت الصورة الجديدة وكأنها لعبة (بازل) مجرد قطع متناثرة يصعب إكمالها لتكتمل الصورة !!

وعيُنا بما نريد تحقيقه يقودنا لتحقيقه؛ولكن السؤال هل ما نريد تحقيقه هو الصورة الزاهية التي نريدها أم يريدها الآخرون؟ أم هي الصورة المشوهة، ولكنها تحقق لنا بعض التوازن المفقود. من وجهة نظر شخصية أرى بأن عودة الحب والقيم كفيلة ببدء رسم الخطوط الأولى للصور البهيجة والرائعة والراقية لنا ولمجتمعنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي