برامجنا .. فَشّة خِلِق !
• لا شك أن أول خطوة لحل المشكلة تكمن في الاعتراف بها وتشخيصها. وتعتبر هذه الخطوة الأهم وهي المهمّة الأكبر في حل المشكلة. لكنها تظل خطوة بحاجة إلى أخواتها الخطوات حتى نصل بها إلى الحل المرجو. فالاكتفاء بهذه الخطوة يجعلها يتيمة لا حول لها ولا قوة. ولو فعلنا ذلك كطرح قضايانا على طاولات النقاش وتركها بلا حل, ستصبح نبرة المجتمع التذمّر التي ستعكس بكل تأكيد على الأجيال القادمة لتصبح ثقافتهم ثقافة البقاء. وأعني بهذه الثقافة أن يترسخ لدى الفرد "نفسي نفسي" دون الاكتراث لمصلحة المجتمع ككل. وهذه أكثر الثقافات هدماً للمجتمع إن تغلغلت في أوساطه.
• شهدنا مؤخراً ثورة البرامج الحوارية التي تختص بمشاكل المجتمع السعودي عبر القنوات الفضائية. حقيقةً أُعجِبت بجرأة الطرح, إذ أن هذه البرامج وصلت لمرحلة وضع المسؤول على كرسي التحقيق ومساءلته عن التقصير. ولعل أشهر هذه البرامج هو برنامج الثامنة مع داوود. والجميل أيضاً أن مقدم البرنامج داوود لا يفرّق بمعاملة مسؤول عن مواطن عادي. وتتم مسائلة المسؤول أمام الملأ ومطالبته بحلول لمشاكل الجوانب التي تم التقصير بها. لكن يعيب على هذا البرنامج وغيره من البرامج المرادفة له أن حلولهم نظرية ولا تتعدى الكلام. نسمع حلولهم لكننا لا نرى من يترجمها على أرض الواقع. عدم متابعة نتائج الحوارات سيجعلها هباءً منثورا. فبهذه الحالة برامجنا الحوارية عبارة عن "فَشّة خِلِق" للمواطن, وبالنهاية "لا تهش ولا تنش". الأساس من هذه البرامج تطبيق حلولها المقترحة, فإن لم تطبق فهي كعدمها. بل أعتقد أنها ستزيد من الاحتقان في المجتمع, ستزيد المحبط احباطاً, وستزيد المتذمر تذمراً.
• إيجاد الحلول أمر صعب والأصعب تطبيقها والأهم متابعتها حتى تُنجَز على أكمل وجه. لأننا نريد أن تتحول هذه الحلول إلى واقع ملموس. وذلك ما تسموا إليه هذه البرامج أساساً. لذا أقترح على هذه البرامج متابعة القضايا وعرض نتائجها أمام المشاهد حتى يكون في الصورة. ويعلم المسؤول مدى أهميّة تنفيذ هذه الحلول لأنه سيحاسب من الكل إن حصل التقصير.