للوطن حق علينا

من منا لا يحب وطنه , فنحن نعيش فوق ترابه , و نأكل من خيراته , ونشرب من ماءه , ونتنفس هواءه, وننام تحت سماءه وننعم بأمانه, وبعد ذلك كله نجد البعض منا يشتكي منه , إلى متى يا وطني نعيش بين أحضانك ولا نؤدي حقك!.

قد ينظر البعض منا إلى الحقوق التي له ويطالب بها متناسيا الحقوق التي عليه, فهل فكرنا يوما في حق الوطن علينا؟ . إن على كل مواطن حقوق لهذا الوطن مهما كان موقعه في هذا الصرح العظيم.

من هذه الحقوق أن نصلحه ونعمّر أرضه كل حسب قدرته وطاقته , و إن على عاتق الأثرياء و الأغنياء على وجه الخصوص واجب أكبر لهذا الوطن .ولنا في عثمان ابن عفان رضي الله عنه خير قدوة فقد جهز ثلث الجيش من ماله الخاص.

وقد ينفق بعض أصحاب رؤوس الأموال في الأعمال الخيرية مثل بناء المساجد خاصة وهذا أمر محمود ومشكور, ولكن لماذا لا نبني إضافة إلى ذلك المدارس والمستشفيات ودور الأيتام والمجمعات السكنية ...الخ ثم نهديها للوطن فهذا يساعد في حل بعض الأزمات والمعانات التي يعيشها المواطن, فلابد من وقوف القطاع الخاص جنبا إلى جنب مع القطاع الحكومي في بناء الوطن.

ومن أداء حقه علينا أن نستثمر بين أضلعه ونوظف أبناءه وشبابه. و من أداء حقه علينا أن نؤدي زكاته لأهله الذين يعيشون بين أضلعه فهم أولى وأحق , فكم من فقير بيننا لم يسأل الناس تعففا !.

وهناك طائفة أخرى عليهم حقوق لهذا الوطن , هم أولئك الذين جاءوا إلى هذا الوطن وأقاموا به وقد كانوا لا يملكون قوت يومهم ثم أصبحوا بفضل الله ثم بفضل خيراته من الأغنياء ثم هم رحلوا و لم يقدموا له ما يشفع ولم يؤدوا له حقه.

والأعجب من ذلك الذين ولدوا ونشأوا بين أحضانه وهم أهله فتراهم يستثمرون في الخارج أضعاف ما ينفقوا ويستثمروا في الداخل , ولعل البعض يتشدّق ويعتذر ببيروقراطية وعراقيل النظام القائم ! , أفلا يكفي أن تضحوا بالقليل من أجل هذا الوطن المعطاء , فلولا الله ثم تراب هذا الوطن لم يتذوق البعض كأس الثراء!.

إضافة إلى ذلك دعونا لا نختزل اليوم الوطني في التهنئات عبر الصحف و المجلات فقط, ليكن هو يوم للمنافسة و المبادرات من المقتدرين من أبناء الوطن. ومن المبادرات أن يكون هناك دار وقفي خيري للترجمة وذلك سيساهم في النهوض بالوطن علميا وثقافيا , و حتى يكون منارة لأبناء الوطن خاصة والوطن العربي عامة . ولقد سبقنا بذلك الخليفة المثقف المأمون فقد أنشأ دار للترجمة وسمّاها دار الحكمة ,وقد كانت هي الشرارة للتقدم العلمي والأدبي في العالم أجمع.

الوطن هو بيتنا ونحن أهله نعيش من أجله ونذود عنه. كلنا يلوم ويشير بإصبع الإتهام إلى غيره , فما بالنا لا نلوم أنفسنا فكل له دوره, حتى إماطة الأذى عن الطريق من حق وطننا علينا , و ترشيدنا في استهلاك الماء والكهرباء من حق وطننا علينا أيضا !.

كم هو جميل أن نمدح الوطن ونغني له ولكن الأجمل أن نعمل ونضحي من أجله !.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي