اختفاء الوقت!
عندما تنتظر حدثاً ما تمر عليك الدقائق بطيئة وكأنها ساعات، وفي حالات الفرح تحس أن الزمن يجري وتود لو تستطيع إيقافه.. فهل الزمن يتسارع ويتباطأ حقيقة أم شعورنا به هو الذي يتغيّر؟
أحيانا تختفي من حياة بعض الأشخاص فترة من الزمن لا يدري أين ذهبت فيجد أن المساء حل عليه دون أن يعرف كيف مر الوقت، قد تكون حالة من حالات "الاستغراق" التي تحدث حين يركز الشخص على أمر معين ويوقف حواسه عليه مثلما يحدث لدى بعض الصوفية في حلقات الذكر أو الرقص الإيقاعي حتى يفقد إحساسه بمَن حوله، وهذا فعل إرادي يتطلب نوعاً من التركيز لا يوجد عند الكثير، لكن بعض الناس يفقد جزءاً من وقته لا إرادياً كما نسمع في قصص الاختفاء أو الاختطاف من قِبل مخلوقات غريبة مثل القصص التي تروى عن المخلوقات الفضائية لدى الغرب، أو الجن في ثقافتنا الشرقية، وادعاء البعض أنه زار العالم السفلي ورأى ما تشيب منه الولدان، ثم عاد يحكي ما حدث له في الأيام التي غابها؛ بينما هو في الواقع لم يغب عن أهله سوى ساعات!
فما حكايتنا مع الزمن الذي شغل بال الكثير من العلماء ومنهم الدكتور إيجلمان وطلابه الذين قاموا بعديد من التجارب ليتأكدوا من أن تسارع أو تباطؤ الزمن حقيقي أم لا، ومن محاولاتهم تجربة السقوط من على مسافة 45 متراً بسرعة تصل إلى 112 كيلو متراً في الساعة، واستغرق سقوطهم نحو ثلاث ثوان، وعندما طلب منهم تقدير زمن سقوطهم كان لديهم زيادة في الوقت بنسبة 36 في المائة على الوقت الحقيقي، وخلصوا من تجاربهم العديدة إلى أن الوقت لا يتباطأ، إنما عملية تذكر أو استعادة الحدث تجعل الوقت أطول من الواقع!
لكن ماذا نقول عن حالات فقدان الزمن الحقيقية مثلما حدث للعائدين من الموت كأصحاب الكهف وعزير الذين أماتهم الله فلما عادوا ظنوا أنه لم يمر عليهم سوى أيام! قال تعالى "قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ"!
فكل ما يحدث في الكون نسبي يتغيّر ويتبدّل تبعاً لسنن الله في الكون. تقول النظرية النسبية إن الزمن يتباطأ أو يتسارع حسب قرب الحدث وبعده عنا، مثل لو حدث انفجار نجم يبعد عنا ألف سنة ضوئية لن نراه إلا بعد ألف عام، أي أننا نرى الماضي وكي نرى الحاضر لا بد أن نسافر بسرعة أكبر من سرعة الضوء فكلما زادت سرعة الجسم تباطأ الوقت، وأكبر دليل على تسارع الزمن معجزة الإسراء والمعراج التي يقف العلم عاجزاً عن تفسير ما حدث تلك الليلة في آية من آيات الله في الكون، يقول الله - سبحانه وتعالى - "ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى".
وأعلنت "ناسا" أن الزلزال الذي ضرب تشيلي عام 2010 بقوة 8.8 درجة تسبّب في تحريك محور الأرض بمقدار ثمانية سنتيمترات، ما أدّى إلى تقصير اليوم بمقدار 1.26 ميكروثانية حسبما ذكر العالم ريتشارد جروس، ومن قبله اقتطع زلزال سومطرة المدمّر 6.8 ميكروثانية من طول اليوم، ومع تكرار هذه الهزات والتغيُّرات الكونية ماذا سيحدث ليومنا.. هل سيصبح عشر ساعات مثلا بدل 24 ساعة؟ فاليوم كما نعرف يساوي الزمن الذي يدور فيه الكوكب حول نفسه وبتسارع الدوران أو تباطؤه تزيد مدة اليوم وتقصر! وهناك بعض الدلائل والدراسات تشير إلى أن الأرض كانت تدور بسرعة أكبر من الآن نحو (428 مرة بدل 375 مرة)، ما جعل أيامهم أقصر من أيامنا واليوم تعود الأيام لتتسارع.. ولا نستطيع أمام كل ما يحدث إلا أن نقول سبحانك ربي ما أعظمك.