عندما يصاب المعلم بـ «جنون العظمة»
إن من يدرك المفهوم الحقيقي للتعليم حتما سيدرك أن التعليم هو الثروة التي تصنع للإنسان قيمة حقيقية ليست في كل المجتمعات بل هي الثروة التي لا يدرك معناها سوى المجتمع المتحضر الذي يحترم العقلية العلمية، ولعل المعلم هو عنصر من عناصر ذلك العلم وتلك العملية التعليمية التي لابد أن يحترمها الجميع لأن المعلم من المفترض أن يترك بصمة علمية وتربوية على تلاميذه وإلا فإنه بذلك لا يتجاوز كونه ظلا متحركا لا قيمة له. وما يثير العجب أحيانا أن الأمر لا يقتصر فقط على كونه لا قيمة له، بل قد يتجاوز المعلم الواقع بكثير، حيث يبدأ بتجاهل أهمية احترام حقوق الطلاب، ولا بد أن نعرف أن التعليم لا يقوم إطلاقا بلا احترام لعقلية الطالب الصغيرة ودعمها وتطويرها وليس الطالب من يأتي ليبادر بالاحترام، بل من واجب المعلم أن يضع نفسه في المكانة التي تفرض على الطالب فيها احترامه وبشكل إيجابي، حيث بعض المعلمين يجهلون جهلا كبيرا مفهوم الاحترام ويعتقدون أن الاحترام رديف للطاعة ويتجاهلون أن من حق الطالب أن يسأل ويستفسر.. وقد يخطئ الطالب أحيانا ولكن من واجب المعلم أن يحتوي ذلك وبصدر رحب فهو لم يعين في تلك الوظيفة إلا من أجل أن يكون مربيا قبل أن يكون معلما، ولكن مع الأسف فالاضطراب النفسي يسيطر على البعض فيصاب المعلم بنوع من ''جنون العظمة'' ويعتقد أن من حقه أن يضرب الطالب أو يوبخه أو يهينه أمام أصدقائه، وقد يصل الأمر عند البعض إلى الضرب المبرح بل قد يتجاوزها إلى العاهات الأبدية.. قصص وقصص نسمع عنها ونقرأها لبعض المرضى النفسيين من المعلمين الذين تجاوزا حدود المدرسة فخرجوا ليكلموا طلابهم بلغة أسوأ ما يكون الحديث عنها على المستوى الإنساني والمشكلة الأعظم هي كيف يعطي بعض المعلمين أنفسهم الحق في التعدي بالضرب على الطلاب لأنهم بذلك قد تجاوزوا حدود الإنسانية والأخلاق وبعد ذلك كله يطالبون الطلاب باحترامهم.. معادلة في غاية الصعوبة ومنطق فاشل يتحدث من خلاله بعض المعلمين. وفي النهاية فإن المعلم الذي لا يحترمه طلابه يكون هو الأساس في ذلك أي لو كان يستحق الاحترام لاحترموه وهذا ما يجعل الطلاب يحترمون أو لا يحترمون والمشكلة أن البعض يظن أن الطالب لا يستطيع تقييم أسلوب المعلم في الحصة أو حتى تقييم تعامله، وهذا ما يجعل البعض من أولئك المعلمين يتمادون في تجاوز الخطوط الحمراء للطلاب، وشتان ما بين التربية والتعليم وما بين الوحشية والسلوك البدائي، ولكن في النهاية لابد أن يكون هناك تطبيق واضح لقوانين تحفظ حق الطالب وتجعل المعلم القاسي ينال عقابه ويصبح عبرة للجميع.