السياسة الناعمة بين الحكومة و«الخطوط»

مع مرور الأيام تزداد الفجوة بين العرض والطلب في النقل الجوي الداخلي السعودي مسببة حزمة من معوقات التنمية الوطنية في قطاعات صناعية متعددة. هناك من يعذر وهناك من لا يعذر ''الخطوط'' السعودية على تدني فاعليتها في مجاراة حركة السوق الداخلية والتسبب في هذه الحالة التي نراها اليوم التي يمكن اختزالها في الصعوبة في الحصول على مقاعد من قبل زبائنها. القليل يعرف تفاصيل الدعم الحكومي، أو لنقل تفاصيل التدفقات المالية بين ''الخطوط'' ومؤسسات الدولة، خاصة وزارة المالية والهيئة العامة للطيران المدني. الموازنة السنوية للمملكة تبين أن التدفق المالي من الوزارة إلى ''الخطوط'' في حدود 20 مليار ريال، بينما لا تعلن ''الخطوط'' التدفق المالي في الاتجاه المعاكس. من الطبيعي أن تكون محصلة التدفق الصافي في الاتجاه العكسي وأن ''الخطوط'' لا تزال عالة على الاقتصاد الوطني، وهذا شيء يعرفه المتخصصون في أعمال الخطوط الجوية عطفا على واقع ''الخطوط السعودية'' اليوم. النفط هو الدخل الأساسي للمملكة، وهو الأول في قائمة الدعم الحكومي للمواطن والمقيم كوقود للمركبات الأرضية، صحيح أن هذا الدعم ساهم في رفع مستوى الرفاه للشعب، لكن تأثيره العكسي وخيم وسنرى نتائجه في المستقبل القريب إلى أن يشاء الله باكتشافات نفطية جديدة. وقود طائرات ''الخطوط السعودية'' مدعوم للشعب منذ القدم وبسعر يستطيع من خلاله أي ناقل جوي تحقيق أرباح سنوية كبيرة، خاصة في السنوات العشر الأخيرة التي شهدت ارتفاع سعر النفط لمستويات عالية أدت إلى موجة من خسائر وإفلاس الكثير من الخطوط العالمية المشهود لها بالكفاءة. دعم الحكومة ''الخطوط'' بالنفط والإركاب الحكومي ذي الأسعار العالية وغيرها من صور الدعم بمنزلة (سياسة ناعمة) أضرت بـ ''الخطوط'' وخلقت مع الزمن تبعات إدارية نراها اليوم ماثلة أمامنا سواء في النقل الداخلي أو الخارجي. فمطارات دبي والدوحة وأبوظبي أصبحت خيارا مفضلا عن مطارات الرياض وجدة والدمام، حيث ناقلات تلك المطارات لديها مسارات أكثر وجودة أعلى من الخطوط. لقد حان الوقت لشيء من التغيير في السياسة الناعمة من أجل المصلحة العامة للدولة ومن أجل المواطن، وأيضا من أجل هذه الصناعة. هناك منهجيات متعددة يمكن تطبيقها على السياسة الناعمة تؤدي إلى الإسراع بوتيرة إصلاح الخطوط وردم الفجوة بينها وبين ناقلات الجوار، وفي الوقت نفسه تحافظ على رفاهية الشعب السعودي، وسنستعرض بعضها في المقالات القادمة - إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي