الحرية المطلقة والحرية المقننة

أبدعت جريدة ''الاقتصادية'' من خلال فريقها الصحافي الشاب في تقديم معلوماتية وأخبار صحافية عن التطورات المتسارعة في صناعة النقل الجوي في المملكة، وهو قطاع يستحق المتابعة، نظرًا لأهميته وحجمه المالي الضخم. الزميل عبد الله القرني قدم تحقيقًا صحافيًّا مميزًا نشرته ''الاقتصادية'' في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي عن آليات العمل التي تنوي الهيئة العامة للطيران المدني اعتمادها للفائز من التحالفات السبعة التي تقدمت للحصول على رخصة التشغيل الجوي. اشتمل التحقيق الصحافي على مقابلة مع فيصل التركي الرئيس التنفيذي لـ ''خطوط نسما الجوية''، وهي خطوط مسجلة في مصر الشقيقة باستثمار سعودي، هذه الخطوط تسير الآن رحلات بين المطارات الثانوية في كل من السعودية ومصر. وكانت ''خطوط نسما'' قد حصلت على رخصة هيئة الطيران المدني في مصر في مدة وجيزة اعتبرها كثيرون إنجازًا غير معتاد، عطفًا على طبيعة الإجراءات المتعلقة بإنشاء خطوط جوية جديدة، وكذلك على البيروقراطية التي كبلت الاستثمارات الأجنبية في مصر. احتوى التقرير على رؤية جديرة بالنقاش من قبل مستثمر يملك ويدير ناقلة جوية تعمل فعلاً في السوق السعودية، فهو يتمنى إعطاء السوق السعودية حرية مطلقة وليست مقننة لمن أراد أن ينشئ ناقلة جوية في المملكة طالما التزمت الناقلة الجديدة بمعايير الهيئة العامة للطيران المدني. هذه الرؤية سمعتها منذ سنوات طويلة من أهل الصناعة ومن الشركات والبيوت الاستثمارية في المملكة، حتى إن صديقًا لي ينتمي إلى عائلة مصرفية معروفة حدثني عن استثماراتهم في تأجير الطائرات لناقلات أجنبية منذ ثمانينيات القرن الماضي، إنما عزوفهم عن إطلاق أموالهم لتطوير هذا القطاع الحيوي في وطنهم يعود لعدم جاهزية المناخ الاستثماري الخاص بهذه الصناعة ذات المعايير العالمية الموحدة. الدول المتقدمة في صناعة النقل الجوي لا تقنن عدد الرخص للناقلات الجوية؛ لأنها تتبنى سياسة السوق الحرة التي تتفاعل تلقائيًّا مع الناقلات الجوية وتسهم في رفع جودتها من خلال التفوق بسبب التنافسية. أتمنى من هيئة الطيران المدني إطلاق المزيد من الحرية أمام رأس المال السعودي، وليتها تختار مشغلين اثنين من المتقدمين السبعة بدلاً من واحد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي