يعملون ببلاش فيجدون اللذة !!

عجيب أمرهم فهم يعملون ليلا ونهارا , سرا وعلانية , صيفا وشتاء بكل جد ومثابرة , وفوق ذلك كله هم فرحون مبتسمون ويستمتعون بما يعملون , فلا تكاد تجد منهم شكوى أو تذمر, أولئك الفئة هم الذين يعملون في المجال التطوعي.

إننا نجد على محياهم ابتسامة صافية أخّاذة تجعل القلب يخفق لها , وتجد الحواس تطرب لكلماتهم العفوية والصادقة, فهم لا يتصنعون فرحا ولا سعادة . بل إن السعادة تخرج منهم ببراءة وعفوية, وينبعث منهم نسمات عطرة هادئة كالورد يشعر بها كل من أقترب منهم, وصدق المثل الصيني حين قال " إن اليد التي تقدم الورود لابد أن يعلق بها قليل من عبيرها".

الغريب أن الأجواء الحارة أو البادرة ربما تؤثرعلى أفعالنا وإنفعالاتنا وقد يظهر ذلك على قسمات وجوهنا ,أما هم فتجدهم يأسرونك بلطفهم في أشد الظروف والأجواء , وحتى مع ساعات العمل الطويلة. فما السر يا تُرى في أنهم فرحين مبتسمين مع أن أجساهم تعبه , وما الذي يجعل قلوبهم دافئة في الشتاء ,و باردة في الصيف, وما هو ذلك السر الذي يبقي قلوبهم مرتاحة صافية.

أعتقد بل أكاد أجزم بأن السر يكمن في العطاء , العطاء من غير مقابل , والعطاء بحب وصدق , فهم لا ينتظرون منا جزاء ولا شكورا , يقول الدكتور إبراهيم الفقي "العطاء هو عمل القلب وليس العقل".

إن مجال العمل التطوعي مفتوح على مصراعيه بأشكال وأنواع متعددة فدعونا لانحصر العمل التطوعي في مجال واحد ضيق ومحدد. فهو قد يكون بالمال أو بالوقت أو بالعلم والمعرفة أو بالقلم أو حتى بالابتسامة أو بتشجيع الآخرين فالمجالات كثيرة ومتنوعة , كل حسب إمكانياته وميوله.

ولكني أتعجب لماذا في بعض الأحيان نستكثر عليهم كلمة شكرا من قلوبنا ؟! , وربما نتصنعها بأفواهنا , وهم قد لا يكترثون لذلك كثيرا فهم يملكون سر العطاء الذي يجعلهم في غنى عمن يشكرهم بلسانه دون قلبه.

إن علينا نتحدث عنهم في مجالسنا العامة والخاصة , وندعمهم معنويا وحسيا ,وعلينا أيضا أن نشعرهم بأنهم جزء مهم من المجتمع يُفتخر به, لأن ذلك هو الرقي , فالعمل التطوعي لبنة مهمة من لَبِنات المجتمع .

ولعل الدول الصناعية والمتقدمة علمت ضرورة وأهمية العمل التطوعي في بناء المجتمع, يقول تشرشل " نعيش مما نحصله , ولكننا نصنع حياة مما نعطيه ". وقد ذكر الأستاذ الدكتور عبد الكريم بكار في إحدى كتبه " أن ثلاثة وتسعون مليون شخص في أمريكا ينخرطون في أعمال تطوعية منظمة, وهم يمثلون نحو 30 % من السكان. ولدى فرنسا ستمائة ألف مؤسسة خيرية, ونحو 45 % من البالغين فيها يقومون بأنشطة تطوعية".

ولعل أشمل الألفاظ وأعذبها وألذها حلاوة على مسامعنا تلك التي وصفت العمل التطوعي بكل أشكاله وألوانه في قوله عليه الصلاة والسلام " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".

فتحية احترام و إعجاب لكل من عمل متطوعا سواء ببدنه أو لسانه أو وقته أو ماله أو قلمه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي