ثقافة الهبل !؟

نحن قوم لا نتحرك لنستبق الحدث ولا نتصرف وفق سيناريو وخطة مدروسة، نحن (على الله وبالله ) ومايأتي من الله فهو مقدر ومكتوب (وبس) ! كل الجهات والوزارات والهيئات تنفي مسؤوليتها وتدين وتتنصل وتستننكر ! كل المسؤولين ليس لهم ناقة ولا جمل فيما حصل! أخرج النسائي في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله سائل كل راع عما استرعاه, حفظ أم ضيع ؟ حتى يُسأل الرجل عن أهل بيته". فهل كل مسؤول في حالة صالحة للمؤاخذة على أعماله وملزماً بتبعاتها المختلفة ؟ هل يشعر بالواجب ويتوجه تفكيره نحو القيام بمسؤولياته تماماً كما تتوجه أفعاله وأقواله ومواقفه، بحيث يكون كل ما يصدر عنه تعبيراً عن تحمله للمسؤولية ؟

هزنا كثيراً منظر الانفجار في الرياض وخسارة أرواح بريئة وأزعجنا خبر حريق عين دار والحوادث المتفرقة التي تستدعي الاستفسار عن أوضاع السلامة وتقصير الدفاع المدني وما يجدر بالأجهزة المسؤولة أن تقوم به لحماية الأرواح والممتلكات. لكن انتشار الفضوليين من المارّة بدعوى (الفزعة) والمساندة هو أفدح ممارسات عدم تحمل المسؤولية ؟! أعداد كبيرة تتوافد (والحاضر يعلم الغايب ويدعوه للحضور عبر التويتر أو البي بي) وكأن الجمهرة فن راق لا يجيده إلا الشباب السعوديين! وكأن قلوبهم لا تعرف الخوف فلا يرتعبون لمنظر الأشلاء المتفحمة داخل السيارات التي احترقت إثر الانفجار ! كان أحدهم يصور بجواله ويقترب من أشلاء جثة متفحمة ربما ليكون أول من يرفع الفيديو على اليوتيوب ! منظر محزن وممارسة مرفوضة أن تنقلب الفاجعة إلى هزل يمارس فيه الرعاع والغوغاء هواياتهم البدائية في التصوير بحجة توثيق الحدث معطلين مركبات الدفاع المدني عابثين ومخربين بأقدامهم موقع الحدث.

فإلى متى يمارس هؤلاء ثقافة الاهمال والاستهبال ؟! إلى متى يكون التجمهر من دواعي (الفشخرة والبطولة)! إلى متى والكل يركض نحو ساحة الأحداث إن كان هناك حادث أو حريق أو انفجار ضارباً بالضروريات الخمس عرض الحائط ومتنازلاً عن حماية روحه لأجل إرضاء الفضول ودواعي البطولة الواهية ؟

اقتراح لإداراة المرور وإدارة الدفاع المدني بتحرير (مخالفة إعتراض) لكل شخص أو مركبة يثبت تعطيلها لاجراءات الاسعاف أو الحماية أو الإنقاذ. وأقترح أن تبدأ من 500 ريال مع سحب المركبة وتغريم صاحبها وسائقها بما يضمن عدم تكرار التجمهر حتى لو أضطر الأمر إلى الحبس مع الغرامة. لا بد من وضع نظام للقضاء على (ثقافة الهبل) قبل أن تتفاقم وتصبح سمة كل حادث أو أزمة أو كارثة لا سمح الله.

المسؤولية مشقّة يتحملها ويتعهد بتسييرها فقط من كان أهلاً لها، ومسؤولونا مستعدين لتحميل الكل مسؤولية ما يحدث إلا أنفسهم. والرقابة الذاتية ليست معياراً كافياً فلا بد من تطبيق المحاسبة والمساءلة ليؤدي المسؤول مسؤوليته على أكمل وجه. نسمع عن مسؤولين في الغرب استقالوا تعبيراً عن شعورهم بفداحة ما أرتكبوا من تفريط في المسؤولية، بينما يتحول لدينا بعض المفرطين إلى مستشارين وأعضاء مجلس شورى عند حدوث خلل ؟؟ مطبقين عليهم مبدأ الستر ؟! وتبقى محاسبة المسؤول والجهات المسؤولة من المطالب التي لا تموت، المهم أن يعلن أحدهم بشجاعة أنه المسؤول ! حفظ الله البلاد والعباد .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي