الصحف والشركات وتضارب المصالح
من المعلوم أن الإعلان والدعاية يشكلان المصدر المالي الرئيس للصحف والإعلام بشكل عام؛ كون الشركات عادة تجد فيهما منفذاً مهماً للوصول إلى المستهلك أو السوق الذي تعمل فيه الشركة. ولا شك أن حجم سوق الإعلانات وتسويق المنتجات يتباين بحكم طبيعة وخصائص الوسيلة الإعلامية من مقروء أو مسموع أو مرئي وبما يتلاءم وسوق الشركة ومنتجاتها والميزانية المعتمدة من الشركات ذاتها للإعلان وتكلفة ذلك عليها في اختيار الوسيلة الأنسب والأجدر كفاءة في اتصال الرسالة التي تريد إيصالها لعملائها ومستهلكي بضائعها أو خدمتها المقدمة. ولذا تتنافس الوسائل الإعلامية المختلفة في الحصول على أكبر قدر ممكن في سوق الإعلان والدعاية وبشكل أكثر حدة أخيراً، وذلك مع التطور التقني في الآليات التي من الممكن أن توصل صوت الشركة إلى أسواقها بأقل التكاليف.
من منطلق هذا التنافس وتزايد حدته بشكل أكبر تشتد ضراوة المنافسة، وخصوصاً في الوسائل الإعلامية، التي كانت في وقت مضى هي الأكبر في حصولها على النصيب الأوفر في سوق الدعاية والإعلان والتي على رأسها الصحف. ولذا فالصحف اليوم تحاول جاهدة تقديم كل ما بوسعها لكسب هذه الشركة أو تلك لتكون أحد عملائها في الدعاية عنها على صفحاتها. ومع العلم أن الحريّة الصحافية والالتزام بميثاق الشرف الإعلامي هما من أكبر الدعائم المؤهلة لنجاح أي وسيلة إعلامية وبالتالي نشوء ما يسمى مبدأ تضارب المصالح والذي ينطبق على أشياء عديدة جداً في ممارسات الإدارة الحديثة.
فالصحيفة قد تجد نفسها محرجة مثلاً عند نشر أخبار سيئة عن الشركة التي تعلن لديها أو هي واحدة من عملائها وذلك طمعاً في استمرارية العلاقة الإعلانية فيما بينهما، وكذا القائمون على الصحيفة يجدون هناك حرجاً في ممارسة حريتهم الإعلامية. وعلى الرغم من نتائج تطبيق مبدأ تضارب المصالح في صحافتنا المحلية إلا أنني أراها تميل لمصلحة كفة الحرية الصحفية. وهذا شيء جيد للغاية ويجب أن يشجع ويشاد به خصوصاً أن الوسائل الإعلامية الجديدة أصبحت توصل الأخبار أو الأحداث بسرعة تفوق سرعة إصدار الصحيفة أو غيرها من الوسائل الإعلامية التقليدية مما يسوق منطقيّاً إلى القول للصحف وغيرها إن المحصلة الأجدى اقتصادياً هي الالتزام بالحرية الصحفية وعدم تغليب ما تنتظره المطبوعة الإعلامية من دخل لإعلان شركة أو مؤسسة أو أي كيان اقتصادي آخر.