الوعي الاجتماعي في إدراك مفهوم «الأعمال الخيرية»

تصنف فكرة ''الوعي'' إلى أبعاد متعددة وتلامس زوايا مختلفة في حياة البشر، فهناك ما يسمى الوعي الفكري والوعي الأمني والوعي الثقافي وغيرها من المتغيرات المتعددة التي تسير في قنوات في النهاية لا تهدف إلا لمصلحة الإنسان وعلى رأس كل تلك الفروع ما يسمى ''الوعي العام'' والذي يضم كل الأنواع المختلفة من الاستبصار الشخصي للتفكير وما يتبعه من سلوكيات مختلفة تعكس درجة هذا الإدراك للوقائع والحقائق، وهذا يعني أن جميع سلوكياتنا كبشر لا بد أن نجعلها خاضعة تحت ''فلترة'' الوعي وهنا فإن تقييم السلوك ليس من جانب الصواب والخطأ، ولكن من جانب السلوك الجيد والسلوك الأكثر جودة، وكلما ارتفعت عدد السلوكيات الأكثر جودة لدى الإنسان كلما كان الإنسان أكثر وعيا، وهذا ما يدفعنا إلى أن ننتقد في تفكيرنا أحيانا بعض السلوكيات لأنها تنم عن انخفاض واضح في مستوى الوعي، فمثلا عندما تقف عند إشارة المرور ترى أطفال الشوارع ينتشرون حول السيارات يمينا وشمالا يرسمون على وجوههم علامات من البؤس والألم يطرقون نافذتك طالبين الصدقات وسرعان ما يتوقفون عندما تضيء الإشارة بلونها الأحمر كأنهم يؤدون وظيفة معينة وهم.. هؤلاء أنفسهم هم من تراهم أحيانا يهربون فيختبئون خلف أعمدة الإشارات وبعض الحواجز الأسمنتية على بعض الأرصفة وخلف الشجر وهو مشهد لا بد أن يثير غيرة المواطن على وطنه، ولكن وعلى الرغم من ذلك تجد أن بعض الأفراد يتهافتون على إعطاء أولئك الأطفال الصدقات وبكل ''سذاجة'' مع أن لدينا جهات مسؤولة ومختصة تجمع الصدقات سواء كانت عينية أو مادية بصورة منظمة ورسمية دون أن نقوم نحن المواطنين بتشجيع ودعم أطفال الشوارع الذين يشوهون منظر شوارعنا بل أكثر خطورة من ذلك ودون أن نعلم نحن المصدر الفعلي لانطلاق أطفال الشوارع وما هي الجهات التي تشغلهم لاستغلال أموالنا، وهذا السلوك في الصدقة يقف على هرم ضعف الوعي الاجتماعي لأن هذا الوطن هو مسؤوليتنا جميعا ومن المقولات الشهيرة للأمير نايف بن عبد العزيز ـــ رحمه الله ـــ بأن ''المواطن رجل الأمن الأول''، ولا أعتقد أن هذه المقولة يستطيع أن ينساها من يدرك معناها وليس في ذلك الموقف فحسب بل كل سلوك نحن نصدره لا بد أن نكون على وعي كامل بكل مداخله ومخارجه ومن أين ينشأ وإلى ماذا يؤدي ومثل تلك الجماعات من الأطفال التي تنتشر في الشوارع تقوم بجمع مبالغ باهظة أقل الضرر فيها أن تضيع أموال المتصدقين دون علم حتى بمدى حاجة أولئك الأطفال بل من قام بتكليفهم بتلك المهمة، ولا أعتقد أننا سنحقق الوعي طالما أننا نغفل عن أذهاننا معادلة السلوك وعواقب السلوك، ولا أعتقد أيضا أنه تنقصنا المتطلبات الفكرية لأن نكون مجتمعا أكثر وعيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي