لماذا الشيخ عيسى الغيث !!
قيادة المرأة قضية جدلية منذ زمن طويل في مجتمعنا السعودي ، وأنا اعتبرها قضية بيزنطية ، فالأخذ والرد بها مشابه تقريباً لقضية فلسطين المحتلة ، التي تعقد اللجان وتقوم الدول من أجلها منذ سنين ، لكن دون نتائج فعلية تذكر على ارض الواقع. فقضية قيادة المرأة فصلت المجتمع إلى قسمين ، فمن يعارض يعتبرونه محافظ ، ومن يؤيدها يعتبر ليبراليا أو علماني أو غيرها من المسميات "المعلبة".
عضو مجلس الشورى الشيخ عيسى الغيث ، انصبت عليه التهم "جزافاً" من كل جهة وصوب ، فقط لأنه قال أن قضية قيادة المرأة هي قضية سياسية وليست شرعية ، فالغاضبون من كلامه وصفوه بالعلماني ، الذي يريد فصل الدولة عن الدين ، ولو كانت هذه التهمة لشخص غير الشيخ الغيث لكانت غير مستغربة أبداً ، فهؤلاء يعتبرون مخالفهم في الفكر ، أعداء للإسلام ، وكأن الإسلام يتمثل فيما يعتقدون أو يظنون هم فقط ، وليس ما انزله الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، لكن أن يوصف شخص مثل الشيخ الدكتور عيسى الغيث فهذا أمر غريب ، فهو حصل على شهادة الماجستير في الفقه المقارن من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، ودكتوراه في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بالقاهرة ، وعمل قاضياً منذ قرابة 20 عاماً في محاكم وزارة العدل العامة والجزائية وحالياً بمرتبة (رئيس محكمة) ، وكذلك مستشاراً قضائياً وقانونياً لوزير العدل منذ عام 1431هـ وحتى الآن ، كما تولى القيام بمجموعة من الأعمال والمهام داخل الوزارة وخارجها بصفته مستشار قضائي لوزير العدل.
بعد استعراض السيرة الذاتية والعملية للشيخ الغيث نجد أنه ذو باع طويل في العلم الإسلامي ، لذلك هو يعتبر عالم إسلامي يحق له التطرق في القضايا الدينية ، ويعرف ما هي الأمور الشرعية والأمور الغير شرعية ، لكن هنالك ما يعيب هذا الشيخ الغيث ، لذلك نرى من مخالفيه هذا الهجوم النارية بسبب هذا العيب ، وهو أن الشيخ الغيث وسطي المنهج ، وهذا في وجهة نظر مخالفيه عيب كبير ، فهم اعتادوا أن يكونوا متشددين في كثير من النواحي التي لا يوجد به نص شرعي صريح ، على الرغم أن ذلك مخالفة صريحة للدين الإسلامي ، الذي يدعو للوسطية في أغلب تفاصيله .
لاشك أن الشيخ الغيث هو بشر غير معصوم ، قد يصيب وقد يخطئ ، ولا اعتبره مقدساً كما يفعل البعض منهم مع بعض البشر في وقتنا الحالي ، لكن ما دفعني لكتابة هذا المقال هو أن معارضي الغيث انطبق عليهم حديث الرسول عليه الصلاة والسلام عندما وصف حال المنافقين بأنهم إذا خاصموا فجروا ، وهذا الفجور نراه الآن واضحاً في حق الغيث وغيره من المخالفين لهم حتى وأن كانوا من الوسط الديني ، فالبعض يدفعه التشدد في هذا الهجوم ، والبعض يدفعه حب الشهرة والظهور الإعلامي ، ولن اذكر أسمائهم أو أنواعهم فالعاقل يستطيع معرفة ذلك بقليل من التفكير فيما يقوله هؤلاء المخالفون للغيث.